توم أوكونور | مجلة نيوز ويك الأمريكية
أعربت كل من الولايات المتحدة وروسيا عن معارضتهما لتهديدات تركيا باستئناف الهجوم في شمال شرق سوريا، حيث اشتبكت الفصائل المدعومة من “أنقرة” مع حلفاء كل من “واشنطن” و”موسكو”. في خطاب برلماني يوم الاثنين، اتهم وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو كل من الولايات المتحدة وروسيا بالفشل في الوفاء بالتزاماتهما في اتفاقيات وقف إطلاق النار المتتالية الشهر الماضي، والتي نصت على سحب مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية من مناطق محددة على طول الحدود التركية الحدود السورية. وقد حذر كبير الدبلوماسيين الأتراك من أن البلدين لم “يوفيا بعد بما هو ضروري بموجب الاتفاقيات” وأن حكومته “ستقوم بكل ما هو ضروري في شمال سوريا” لضمان تحقيق أهدافها.
لم يوافق كل من المسؤولين الأمريكيين والروس على تقييمه. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لمجلة “نيوز ويك”: “لقد أبلغنا الحكومة التركية في 22 أكتوبر بأن انسحاب وحدات حماية الشعب من المناطق التي يسيطر عليها الجيش التركي تم بشكل كامل، كما هو منصوص عليه في بياننا المشترك الصادر في 17 أكتوبر، واكتمل. نحن نؤيد هذا التقييم، ونلاحظ أن الحكومة التركية لم ترفع رسمياً أي ادعاء بعدم الامتثال لوزارة الخارجية الأمريكية”.
وقالت المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكية: “نحن نتوقع أن تفي تركيا بالتزاماتها بموجب البيان المشترك الصادر في 17 أكتوبر، بما في ذلك وقف العمليات الهجومية في شمال شرق سوريا.. أي هجوم جديد من شأنه أن يقوض الاستقرار الإقليمي ويزود الجهات الفاعلة الخبيثة بفرص لاستغلال عدم الاستقرار هذا لأغراضها الخاصة”.
وفي يوم الثلاثاء أيضًا، صرح المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الميجور جنرال إيغور كوناشينكوف، بأن جيش موسكو “فوجئ بسماع تصريح وزير الخارجية التركي حول فشل روسيا المزعوم في الوفاء بوعودها، وكذلك تهديداته بشأن عملية في شمال سوريا”، وفقًا لوكالة “تاس” الروسية للأنباء.
وحذر “كوناشينكوف” من أن “بيان كبير الدبلوماسيين الأتراك الذي يدعو إلى القيام بأنشطة عسكرية قد يثير التوترات في شمال سوريا بدلاً من تخفيفها وفقًا لمذكرة مشتركة موقعة من رئيسي روسيا وتركيا”، بحجة أن “سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها روسيا أتاحت استقرار الوضع في المنطقة بشكل كبير، بما في ذلك اتفاقها مع تركيا ونشر دوريات الشرطة العسكرية”.
اتخذت كل من الولايات المتحدة وروسيا وتركيا طرفين متعارضين في الحرب الأهلية السورية التي استمرت ثماني سنوات. وفي حين اتحدت واشنطن وأنقرة مبدئيًا في دعم انتفاضة التمرد والجهاد ضد الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2011، جاءت الأولى لدعم قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، في وقت انضمت فيه روسيا إلى إيران في دعمها الحكومة ضد جميع قوات المتمردين.
ومع هزيمة “داعش” إلى حد كبير وتقليص المعارضة السورية إلى مناطق صغيرة في الشمال الغربي، أصبحت قوات سوريا الديمقراطية تحكم معظم شمال شرق البلاد، حيث استعادت الحكومة السورية غالبية أراضي البلاد في أماكن أخرى. ومع ذلك، ينظر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى وحدات حماية الشعب باعتبارها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المحظور (PKK)، الذي خاض حربا دموية ضد الدولة التركية.
قام “أردوغان” بتوغل مرتين للسماح للمتمردين السوريين الذين يرعاهم بلده بالاستيلاء على الأراضي من وحدات حماية الشعب، وعندما بدأ هجومًا ثالثًا عبر الحدود في الشهر الماضي، قرر الرئيس دونالد ترامب سحب القوات لتجنب القتال بين أحد حلفاء الناتو وقوة شريكة محلية.
وبينما جرى الانسحاب الأمريكي -متبوعًا بقوات أمريكية إضافية تم إرسالها إلى حقول النفط الشرقية في البلاد- شاهدنا أن الجيشين الروسي والسوري يسيطران على القواعد الأمريكية المهجورة، بينما أشرفت موسكو على اتفاقية أمنية بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، وكلاهما ينظر إلى تركيا كقوة غزوة وجماعات المتمردين المتحالفة معها كتهديدات وجودية. لوقف التقدم الذي تقوده تركيا، أبرمت كل من إدارة ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين صفقات متداخلة مع “أردوغان”، متعهدين بضمان انسحاب مقاتلي وحدات حماية الشعب من المناطق الحدودية المعينة.
اتهمت كل من الحملة التي تقودها تركيا والحملة المشتركة لقوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية بعضها البعض بخرق اتفاقات وقف إطلاق النار هذه مع استمرار ارتفاع عدد القتلى. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مراقب مقره في المملكة المتحدة وله علاقات مع المعارضة السورية، وقوع اشتباكات جديدة يوم الثلاثاء في قرى بالقرب من تل أبيض في محافظة الرقة، وفي أماكن أخرى يوم الاثنين عبر محافظة الحسكة.
أفادت وكالة الأنباء العربية السورية التي تديرها الدولة، يوم الثلاثاء، بأن الجيش السوري وسّع انتشاره في الحسكة، متهماً القوات المدعومة من تركيا بارتكاب أعمال نهب وخطف ضد السكان المدنيين. وفي نفس اليوم، اتهم مصطفى بالي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية الجانب المعارض بالتطهير العرقي. وقال: “لقد تم إجبار آخر الأرمن الذين يعيشون في جرابلس التي تحتلها تركيا في شمال سوريا على اعتناق ديانة الميليشيات المدعومة من تركيا.. وأصبح أرتين وزوجته سيرون، معروفون بأسماء أخرى إسلامية. واستمر اضطهاد الأقليات العرقية والدينية في كل مكان احتلته تركيا”.
وفي الوقت نفسه، غرد “أردوغان” على حسابه على موقع “تويتر”، بمقتطفات من خطابه في اليوم السابق، متعهدا بأن “قتال بلاده سوف تستمر حتى تنتهي جميع التهديدات الإرهابية لتركيا، وخاصة في سوريا وشمال العراق، وحتى يتم تحييد آخر إرهابي”.
—–
للاطلاع على النص الأصلي باللغة الإنجليزية.. اضغط هنا
ترجمة: أمنية زهران