مظلوم عبدي: هجوم  حماس نقطة تحول للشرق الأوسط ونشهد تأثيراته غير المباشرة على مناطقنا

في حوار خاص مع «المونيتور»، تحدّث القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، عن الوضع في المنطقة خاصة بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي شنته حركة حماس وتداعياته على الجوار وموقف الكرد مما يحصل. وأكد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية في المقابلة التي تمت في 24 نوفمبر/تشرين الثاني، وتم تحريرها باللغة العربية من المركز الكردي للدراسات، رفضه أن تصبح مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ساحة تصفية حسابات بين الولايات المتحدة والميليشيات المدعومة من إيران، كاشفاً أن المجموعات المدعومة من إيران بدأت باستهداف المواقع العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية. وأضاف مظلوم عبدي أن الفشل في التوصل إلى حل عادل ومستدام للقضيتين الفلسطينية والكردية يظل أكبر مصدر لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مديناً في الوقت ذاته حركة حماس. وإلى نص المقابلة:
«المونيتور»: هذه مقابلتك الأولى مع وسائل الإعلام الدولية منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي شنته حركة حماس. كيف ترى الصراع الدائر في غزة؟
مظلوم عبدي: مثّل الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول نقطة تحول للمنطقة والشرق الأوسط. أولا، يجب التوضيح أن الهجمات التي تشنها حماس على المدنيين الإسرائيليين غير مقبولة على الإطلاق، وندينها بشدة. نعتقد أن حماس لم تتصرف بشكل مستقل، وأنها كانت تنفذ أجندة جهات خارجية. إن رد فعل إسرائيل والعدد الهائل من القتلى المدنيين الفلسطينيين الذي أعقب ذلك ليس أقل رفضاً. نحن، في قوات سوريا الديمقراطية، نعارض أي هجمات على المدنيين بغض النظر عن الظروف ونتمسك بشدة بمبدأ الدفاع عن النفس ضد من يهاجمنا، ولم ولن نتورط بأعمال عنف غير مبررة. إن المأساة التي نراها في غزة تتضمن عدة دروس أساسية. الأول هو أن القضيتين الفلسطينية والكردية تظلان أكبر مصادر عدم الاستقرار والصراع في الشرق الأوسط. وإن لم يتم التعاطي مع حقوق الشعبين الفلسطيني والكردي بشكل منصف وشامل ومستدام، فإن عدم الاستقرار والصراع سيستمران. لقد بعثت برسالة إلى محمود عباس (رئيس السلطة الفلسطينية) قلت فيها إننا نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وندعم حل الدولتين.
«المونيتور»: لا نعتقد أن عباس تواصل معكم عندما تعرضت قواتكم لهجوم.
مظلوم عبدي: هذا صحيح. ومع ذلك، ككرد، وقفنا على الدوام إلى جانب الشعب الفلسطيني. تستخدم إسرائيل حاليا قوتها العسكرية الكاملة في غزة قائلة إنها مصممة على القضاء على حماس. ويواجه الكرد على نحو مماثل قوى عازمة على تدمير وجودنا. العواقب واضحة. لن يختف الفلسطينيون ولا الكرد أو يتخلوا عن نضالهم من أجل العدالة مهما حدث. إن القضيتين الفلسطينية والكردية تحتاجان إلى حل من خلال الحوار، وليس الحرب. ومن الواضح أن هذا ينطبق على جميع الأطراف. وأكرر إدانتنا لحماس. ستكون هناك عواقب وخيمة إذا استمرت دوامة العنف الحالية. وفي الواقع، فإننا نشهد بالفعل الآثار غير المباشرة في منطقتنا.
«المونيتور»: هل بالإمكان التوضيح؟
مظلوم عبدي: القوة غير المتناسبة التي تلجأ إسرائيل إلى استخدامها حالياً تخلق أرضاً خصبة للتطرف. مازلنا في الأيام الأولى، ولكن خطر حدوث دورة جديدة من الإرهاب المتطرف يمكن أن تشعل المنطقة وتمتد إلى الغرب هو خطر حقيقي للغاية. يوفر الصراع في غزة للجماعات الإرهابية مثل داعش الفرصة لتعزيز جهودها الدعائية والتجنيدية. نتوقع تماماً رؤية مجموعات إرهابية جديدة تستغل غزة لإضفاء الشرعية على وجودها، ونرى بالفعل جماعات تعمل بشكل متناغم تحت مسميات جديدة. وبطبيعة الحال، هناك جهات إقليمية حريصة على استغلال هذا الوضع لتحقيق أجنداتها الخاصة. على سبيل المثال، تركيا. أنتم متواجدون في أراضينا منذ عدة أيام وشهدتم بأم أعينكم عدد الهجمات التركية التي وقعت والتي تم فيها استهداف وقتل المدنيين مجدداً. خلال الشهر الماضي، استهدفت تركيا محطات الطاقة لدينا، ما خلّف عواقب على إمدادات المياه والمخابز ومخيمات النازحين. لقد قصفوا منشآتنا النفطية وأصابوا الخدمات المقدمة لشعبنا بالشلل وجعلوا حياة الأفراد لا تطاق. يعتبر استهداف البنية التحتية المدنية جريمة حرب بموجب القانون الدولي. إننا نشعر بقلق عميق من أنه مع تركيز العالم اهتمامه على غزة، فإن تركيا سوف تشن عملية توغل أخرى في أراضينا.
«المونيتور»: بالتزامن، صعّدت الميليشيات المدعومة من إيران هجماتها ضد القواعد الأميركية في منطقتكم وفي العراق.
مظلوم عبدي: هذا صحيح. لكن هذه الميليشيات لا تهاجم القواعد الأميركية فحسب. لقد هاجمت قوات سوريا الديمقراطية أيضاً. قام النظام السوري، بالتعاون مع الوكلاء المدعومين من إيران الذين يعملون لصالحها، برفع وتيرة الهجمات ضد قواتنا في دير الزور. لقد حدث تصعيد ملحوظ منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
المونيتور: هذه المرة الأولى التي نسمع فيها ذلك. هل تقصدون أنهم يستهدفون قوات سوريا الديمقراطية أيضاً؟
مظلوم عبدي: نعم. هاجمت طائرة انتحارية إيرانية من دون طيار مستودع ذخيرة لقوات سوريا الديمقراطية في دير الزور. أصيب عدد من قواتنا في ذلك الهجوم، كما تسببت في أضرار مادية جسيمة.
«المونيتور»: هناك عدة نظريات تُطرح بشأن سبب تكثيف الميليشيات المدعومة من إيران هجماتها ضد المنشآت الأميركية، وعلى ما يبدو الهجوم عليكم أيضاً. من الواضح أن إيران تتجنب الانجرار إلى الصراع، وحزب الله يكتفي بشن هجمات رمزية على إسرائيل. ولكن عليهم، في الوقت نفسه، أن يبادروا إلى فعل شيء ما من أجل حفظ ماء الوجه. لذا، فهم يهاجمون الأميركيين في العراق وسوريا. هل تعتبر ذلك تفسيراً منطقياً؟
مظلوم عبدي: تريد إيران إخراج القوات الأميركية من هنا والمنطقة بأكملها، وذلك أحد أهدافها الأساسية، كما هو الحال بالنسبة إلى النظام السوري وتركيا. وتجلى ذلك بوضوح منذ بداية ما يسمى بعملية أستانا. إذا غادر الأميركيون سوريا، سيتعين عليهم مغادرة العراق، والعكس صحيح. المشاكل التي حدثت لنا في دير الزور مؤخراً مع أبو خولة كانت جزءاً من هذه الخطة للضغط علينا من كافة الجهات. هناك تصعيد خطير للغاية يحدث. نحن لا نريد أن تتحول منطقتنا إلى ساحة تصفية حسابات بين الولايات المتحدة والميليشيات المدعومة من إيران، وقلنا لهم ذلك. نحاول الحد من هذه التوترات لأننا نعلم جميعاً المستفيد في نهاية المطاف: داعش. أود أن أنتهز هذه الفرصة لأذكّر تركيا وإيران بأن تنظيم داعش يشكل تهديداً لمجتمعاتهما وأمنهما أيضاً. من المؤكد أن الصراع في غزة يجب أن يكون بمثابة تذكير للعالم بأننا في قوات سوريا الديمقراطية نقف على النقيض من التطرف العنيف، وقد فقدنا أكثر من 11000 من رجالنا ونسائنا في قتال تنظيم داعش. ومن خلال القيام بذلك، لم نحم أنفسنا فحسب، بل (أيضاً) بقية العالم – من أوروبا إلى منطقة الساحل حيث لا يزال داعش نشطاً. نحن نتبنى القيم الديمقراطية والعلمانية والمساواة بين الجنسين والناس من جميع الأديان والمعتقدات. على سبيل المثال، ربما شاهدتم كيف يتم ترميم إحدى الكنائس الكبيرة في الحسكة. يجب دعمنا لا مهاجمتنا.
«المونيتور»: لقد عبرت في حوار سابق عن مدى خيبة أملكم إزاء رد فعل الولايات المتحدة على تلك الهجمات.
مظلوم عبدي: نعم، نحن ننتقد بشدة الضعف الذي تظهره الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتحديد بالهجمات الآتية من تركيا. يدفع هذا الموقف شعبنا إلى أن يفقد الثقة في الولايات المتحدة، كما لاحظتم بالتأكيد في تقاريركم، ويدفعه إلى التشكيك في شراكتنا معها وما سيتوجب عليه فعله إن طُلب منه تقديم تضحيات مماثلة في المستقبل. ويبدو أنه ليس لرد الولايات المتحدة على هجمات الميليشيات المدعومة من إيران التأثير الرادع المطلوب أيضاً.
«المونيتور»: في مقابلة أجريت معه مؤخراً، قال الجنرال جوزيف فوتيل، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية والذي عملت معه عن كثب، إن إيران لا تملك سيطرة كاملة على الميليشيات الشيعية، وأشار إلى أن هذا يزيد من خطر المزيد من التصعيد. هل توافقون على هذا التقييم؟
مظلوم عبدي: إيران تقول لنا نفس الشيء. لقد قال لنا الإيرانيون: نحن لا نستهدف قواتكم. لسنا متورطين في هجمات دير الزور. لكن نعلم جميعاً أن هذه الميليشيات مرتبطة بإيران.
«المونيتور»: هل أنتم قلقون من مغادرة الأميركيين؟
مظلوم عبدي: لقد أخبرونا أنهم لن يغادروا.
«المونيتور»: في آخر مرة تحدثنا فيها، قلتم إن النظام لا يبالي بدعواتكم للحوار، وأن ليس لديه أي اهتمام بمناقشة اتفاق عملي لمستقبل هذه المنطقة. فهل تغير شيء منذ ذلك الحين؟
مظلوم عبدي: لا، موقف النظام لم يتغير، إذ يستمر مع حلفائه المدعومين من إيران في إثارة القلاقل بين عشائر دير الزور.
«المونيتور»: كيف هو الوضع هناك الآن؟
مظلوم عبدي: الوضع هادئ بشكل عام. ومع ذلك، كانت هناك بعض المشاكل الداخلية داخل مجلس دير الزور العسكري. عقدنا مؤخراً اجتماعاً مع المجلس واجتماعاً في دار البلدية مع أهالي دير الزور لتلمس آرائهم بشأن ما يريدون منا ومن قادتهم. هناك مجلس عسكري جديد الآن، وأخبرناهم أنه يتعين عليهم اختيار قائد جديد في أسرع وقت ممكن.
«المونيتور»: أعلم أن لديك اجتماعين آخرين على الأقل عليك حضورهما. هل هناك أي شيء تريد إضافته؟
مظلوم عبدي: رسالتنا إلى الجميع، خاصة لجيراننا، هي أننا نريد علاقات سلمية وودية، ولكننا سنواصل الدفاع عن أرضنا وشعبنا من الهجمات غير المبررة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد