مجازر سوريا في عيون “الجماعات”.. انتقائية في التعاطف والإدانة
محمد سيد رصاص
يستخدم هنا تعريفًا للمجزرة بأنها (فعل مقصود لقتل عدد من المدنيين غير المسلحين، أو قتل عدد من القوات العسكرية – الأمنية النظامية، أو المليشيات، عندما لا تكون في وضع قتالي).
سيتم وضع تصنيفات للمجازر وفقًا للفاعل (أو الفاعلون).
مجازر ارتكبتها السلطة في عهدي حافظ وبشار الأسد
- مدينة جسر الشغور، 10 آذار 1980: إعدام ميداني لمئة شخص مدني في ساحة البلدة عند جسر نهر العاصي، قوات الوحدات الخاصة.
- سجن تدمر، 27 حزيران 1980: قتل لسجناء في المهاجع يتراوح عددهم بين 600-1200، قوات سرايا الدفاع.
- حي المشارقة بحلب، 11 آب 1980 (أول أيام عيد الفطر): إعدام واحد وأربعون شخصًا بعد محاصرة الحي، الوحدات الخاصة.
- مدينة حماة، 2-28 شباط 1982: 10-40 ألف من المدنيين، سرايا الدفاع والوحدات الخاصة واللواء 21 واللواء 47.
- مدينة القامشلي، 12-13 آذار 2004: قتلت قوات الأمن ستة من الأكراد في ملعب كرة القدم منهم ثلاثة أطفال، وفي اليوم التالي قتلت خمسة عشر من الأكراد بعد حرق مكتب حزب البعث، وقتلت ثلاثون من الأكراد بعد إسقاط تمثال حافظ الأسد.
- محطة القطار باللاذقية، 30 آذار 2011: مقتل 20 شخصًا في مظاهرة انطلقت بعد خطاب بشار الأسد وعند وصولها بين مدخل الرمل الجنوبي ومحطة القطار، أُطلق النار على المتظاهرين من سطح مبنى الإطفاء ومن جسر ساحة المحطة قرب نادي حطين، قوات الأمن.
- مظاهرة ساحة العلبي في حي الصليبة باللاذقية، 17 نيسان 2011: إطلاق النار على المتظاهرين مما أدى إلى تفرقهم، سقط قتلى بالعشرات أثناء ملاحقة الأمن لهم وفق مشتركين بالمظاهرة، ولكن لا يُعرف بالضبط عدد من قتل أو من اعتقل، ولم يعد لبيته منهم حتى الآن حوالي المئة، ولا يُعرف إن كان قد قتل أثناء تفريق المظاهرة أم أنه قتل في المعتقل، قوات الأمن.
- مظاهرة ساحة الساعة في حمص، 19 نيسان 2011: إطلاق النار على المتظاهرين بدأ عند الساعة الثانية إلا عشر دقائق فجرًا، بدأت المظاهرة بعد تشييع ودفن ثمانية قتلى من حي باب السباع وأربعة من بلدة تلبيسة، حصل إطلاق النار على المتظاهرين من جهات عدة وتمت ملاحقتهم في شوارع عديدة، لا يُعرف عدد من قتل أو من اعتقل، ولكن لم يعد حوالي ثلاثمئة لبيوتهم حتى الآن من تلك المظاهرة، قوات الأمن ومن قوات الفرقة الرابعة.
- سوق الهال بالزبلطاني في دمشق، 22 نيسان 2011: تجمع متظاهرون في حي جوبر بعد أن أتوا من أنحاء متفرقة من الغوطة الشرقية، وكان القصد هو توجههم من هناك نحو ساحة العباسيين، وعند وصولهم للسوق قرب مدخل الشارع الطويل الذي يتجه للساحة، أُطلقت النار عليهم، عشرون قتيلًا، قوات الأمن.
- منطقة المسطومة (معسكر الطلائع) عند المدخل الجنوبي لمدينة إدلب، 20 أيار 2011: سار متظاهرون بعد أن تجمعوا من أنحاء متفرقة من محافظة إدلب في مدينة أريحا (تبعد 15 كيلومترًا عن مدينة إدلب) بقصد الوصول لساحة هنانو في قلب مدينة إدلب، وعند وصولهم للمسطومة (بعد 7 كيلومترات) فتحت النار عليهم، خمسون قتيلًا، قوات الأمن.
- مظاهرة ساحة العاصي بمدينة حماة، 3 حزيران 2011: سبعون قتيلًا، قوات الأمن.
- حي كرم الزيتون بحمص، 9 آذار 2012: إعدام سبع وأربعون مدنيًا من سكان الحي بعد محاصرته وتمشيطه، قوات الجيش.
- بلدة الحولة، على طريق حمص- مصياف، 25 أيار 2012: 108 من القتلى المدنيين منهم 34 امرأة و49 طفلًا، قوات محلية من القرى والبلدات جنوب الحولة كان يسلحها النظام.
- بلدة داريا، 25 آب 2012: 220 قتيلًا من المدنيين، الفرقة الرابعة.
- مدينة معرة النعمان، 8-13 تشرين الأول 2012: إعدام خمس وستون من المدنيين بعد تمشيط المدينة، قوات الجيش.
- حي التضامن في دمشق، 16 نيسان 2013: إعدام وحرق واحد وأربعون مدنيًا، قوات الأمن.
- بلدة البيضا شرق مدينة بانياس، 2-3 أيار 2013: إعدام وقتل اثنان وسبعون من المدنيين، قوات الأمن وقوات “المقاومة السورية في لواء اسكندرون” بقيادة علي الكيالي (معراج أورال).
- حي رأس النبع في مدينة بانياس، 2-3 أيار 2013: إعدام وقتل سبع وسبعون مدنيًا بعد تمشيط الحي، قوات الأمن.
- مجزرة الكيماوي: الغوطة الشرقية (زملكا- عين ترما)، الغوطة الغربية (المعضمية)، 21 آب 2013: بعد ضرب المنطقتين بصواريخ معبأة بغاز السارين، القتلى يتراوحون بين 281-1729، قوات الجيش.
مجازر ارتكبتها فلول نظام بشار الأسد
- مقتل ما يتراوح بين 150-200 من قوات الأمن العام إثر المحاولة العسكرية التي قامت بها عناصر مسلحة بقيادة الضابط السابق في الفرقة الرابعة غياث دلا ضد السلطة السورية الجديدة، عند إفطار يوم 6 رمضان 1446 / 6 آذار 2025، في المنطقة الواقعة على الأوتوستراد الساحلي بين المدخل الجنوبي لمدينة بانياس وحتى المدخل الشمالي لمدينة جبلة وفي مدينتي جبلة والقرداحة.
- مقتل ما يتراوح بين 50-70 مدنيًا في سياراتهم (وخاصة التي تحمل لوحة إدلب) على الطريق الساحلي العريض (الأوتوستراد)، بفعل قنص قامت بها قوات غياث دلا، مساء 6 آذار 2025.
مجازر قامت بها فصائل إسلامية مسلحة
- مدرسة المدفعية في منطقة الراموسة بحلب، 16 حزيران 1979: قتل بها ثمانون من الطلاب الضباط بعد أن تم فرزهم بسبب انتمائهم للطائفة العلوية، تنظيم الطليعة المقاتلة.
- منطقة ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، 4-19 آب 2013: مقتل 100 شخص مدني من الطائفة العلوية، وخطف مئتين، فصائل إسلامية متعددة.
- منطقة عدرا العمالية، ليل 11 كانون الأول – فجر 12 كانون الأول 2013: إعدام اثنان وثلاثون مدنيًا علويا وإسماعيليًا ودرزيًا ومسيحيًا من سكان المنطقة بعد سيطرة المسلحين عليها، فصيل “جيش الإسلام” في مدينة دوما بقيادة زهران علوش، وبالترافق مع المجزرة تم خطف آلاف عدة من المدنيين ما زالوا مجهولي المصير.
- منطقة ريف جبلة ومنطقة ريف بانياس ومنطقة ريف مصياف وفي حي القصور بمدينة بانياس: 7-8-9 آذار 2025: مقتل 500-700 من المدنيين العلويين، فصائل إسلامية متعددة جاءت للساحل من أجل المساعدة في إحباط المحاولة العسكرية ضد السلطة الجديدة التي قام بها ضابط الفرقة الرابعة غياث دلا.
مجزرة ارتكبتها مجاميع مسلحة غير منتظمة في تنظيم
- مفرزة الأمن العسكري في مدينة جسر الشغور، 6 حزيران 2011: 80-100 قتيل من عناصر المفرزة، بعد محاصرتهم في مقر المفرزة منذ مغرب يوم 3 حزيران. وفق روايات عدة أن الذين حاصروا المفرزة قد أتوا بدراجات نارية من منطقة الغاب ومن ريف حماة الشمالي للانتقام لقتلى من أقاربهم قتلوا في مظاهرة مدينة حماة يوم 3 حزيران بعد أن أطلق عليهم النار من عناصر فرع الأمن العسكري في حماة.
خلاصة:
كان السوريون، طوال ستة وأربعين عامًا إلا ثلاثة أشهر من مسلسل المجازر، يمارسون الموقف الانتقائي من المجازر حسب القاتل وحسب المقتول، والكرد السوريون كانوا الاستثناء السوري في بعدهم عن هذه الانتقائية، والأرجح أن السبب كان تعلمهم من دروس المظلومية، وهم الذين تعرضوا لمجازر عبر التاريخ الحديث في تركيا 1925-1930-1938 وما بعد ثورة 15 آب 1984 المستمرة وفي إيران 1979 وفي العراق 1988.
هذه الانتقائية كانت تجعل الواقف، بيده ولسانه وقلبه، ضد مجزرة مدرسة المدفعية التي ارتكبها الإسلاميون المسلحون، يقف ساكتًا عن مجزرة قتل السجناء الإسلاميين في سجن تدمر أو عما فعله حافظ الأسد في مدينة حماة، وهو سكوت الموافق على الأقل بقلبه. في محرقة 2011-2024 كانت هذه الانتقائية فاقعة عند السوريين، فالموالون (وحتى من قال بنظرية أن النظام هو أهون الشرين بالقياس للإسلاميين، وبعضهم كانوا من سجناء حافظ الأسد) قد سكتوا عن المجازر التي ارتكبها النظام أو “القوات الرديفة”، وبعضهم قد حاول نسبها للمعارضة المسلحة كما في مجزرة الكيماوي (تذكروا ما قالته آنذاك بثينة شعبان)، وهذا ما ينطبق على سكوت هؤلاء وهؤلاء، وأحياناً تأييدهم العلني أو الصامت، لضرب المدنيين ببراميل طائرات النظام، أو قصف المدنيين بالصواريخ والطائرات في منازلهم وفي المدارس وسوق الخضار. والمعارضون الإسلاميون، من جهة ثانية، لم يتفوهوا بكلمة استنكار واحدة عما جرى في عدرا العمالية من قتل وخطف، ولا ما جرى في جسر الشغور 2011 ولا في شمال شرق اللاذقية 2013.
يمكن هنا القول أن مرتكب المجازر له شركاء غير مباشرون، وهم كل من يقف معه بيده ولسانه وقلمه وقلبه والذي يكذب معه أو عنه. وهذا يشمل الستة وأربعين عامًا إلا ثلاثة أشهر من التاريخ السوري.