كيف سيكون موقف حكومة برلين الجديدة تجاه روسيا والصين؟

فران سبيلمان

وجدت ألمانيا نفسها تصطدم بمجموعة من التحديات في علاقاتها مع روسيا والصين والتي تعتبر اختبار للحكومة الألمانية المُشكلة حديثاً، وذلك بعدما بدأت تتبلور الملامح الإدارية للحكومة تتوضح منذ نهاية الشهر الأخير من العام المنصرم.

من بين تلك التحديّات، حشد القوات البحرية الروسية بالقرب من أوكرانيا، والتداعيات الدبلوماسية من قرار محكمة يُحمّل الحكومة الروسية المسؤولية عن مقتل معارض شيشاني عام 2019 في برلين. بالإضافة إلى ذلك، دفعت العلاقات المتوترة بين الصين وعضو في الإتحاد الأوروبي ألمانيا إلى اتخاذ موقف تجاه الصين التي تعتبر أكبر شريك تجاري لها.

إن دليل تعاظم التحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة هو الرحلات المكوكية لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك يوم الأربعاء إلى واشنطن والتي من المفترض أن تسلط الضوء على الموقف السائد بين حكومتها والولايات المتحدة بشأن روسيا، ومن ثم عادت أدراجها في اليوم التالي إلى ألمانيا . لكن في خضم الوحدة القائمة، طفت خلافات أيضا مع حليفها المقرب عبر المحيط الأطلسي، ناهيك عن التشرذم داخل الحكومة نفسها.

خلال انتخابات العام الأخير لخلافة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، نظمت بربوك حملة خارجيّة دعت إلى اتخاذ موقف أكثر حزما تجاه موسكو وبكين فيما يتعلق بنقاط السلامة وحقوق الإنسان. فيما اتخذ منافسها _ أولاف شولتز الذي نجح في أن يصبح مستشارا لألمانيا بعد فوز حزبه الإشتراكي الديمقراطي في التصويت  _ موقفًا أكثر ليونة بشكل ملحوظ تجاه روسيا.

ومن ناحية أخرى، كان حزب الخضر الألماني بزعامة بربوك مشككا أيضًا في نورد ستريم 2، وهو خط أنابيب تم إنجازه مؤخرًا لإيصال وقود نقي إضافي من روسيا إلى ألمانيا والذي تم تعليقه حتى إشعارا آخر.

يعود الضغط على حزب الخضر الألماني بشكل جزئي بسبب القضايا البيئية المتعلقة بالاعتماد المستمر على الوقود الأحفوري. ومع ذلك، أبرز التحديات الهامة التي تواجه ألمانيا وتشاركها الولايات المتحدة في ذلك هو خط الأنابيب الذي يمد أوروبا بالوقود و بالتالي زيادة اعتماد الدول الأوروبية على الوقود الروسي.

لا يتفق زعيم حزب الإشتراكي الديمقراطي شولز مع وجهة نظر زعيمة حزب الخضر بربوك، الذي دافع أنصاره الاشتراكيون الديمقراطيون من يسار الوسط بقوة من أجل خط الأنابيب. وفي ظل موقف الحزب الإشتراكي الديمقراطي القوي داخل الحكومة الائتلافية، يبدو من غير المحتمل أن تمنع برلين تدفق الوقود عن طريق خط الأنابيب إلا في حال قيام روسيا بضربة بحرية تجاه أوكرانيا.

معطوفاً على ذلك، حدثت مفاجأة هذا الأسبوع عندما قالت الحكومة الألمانية أن المستشار شولتز سيقوم بجولة خارجية، يلتقي من خلالها بنظرائه الفرنسيين والروس بغية مناقشة تطورات المشهد الأوكراني. ويرى بعض المراقبين أن شولتز حريص على استبعاد وزيرة الخارجية بربوك من المحادثات المباشرة مع موسكو، وهو اقتراح رفضه الدبلوماسيون الألمان بشدة.

وأثارت بربوك غضب الكرملين الشهر الماضي، عندما طردت اثنين من الدبلوماسيين الروس من السفارة الروسية بعد أن أصدرت محكمة في برلين قرار يُحمّل موسكو مسؤولية مقتل رجل من أصل شيشاني في وضح النهار داخل العاصمة الألمانية قبل عامين. وردت روسيا بطرد اثنين من الدبلوماسيين الألمان من موسكو.

تعهدت بربوك _ التي لم يكن لديها بأي حال من الأحوال مكان عمل حكومي قبل أن تصبح دبلوماسي كبير في ألمانيا _ عبر حملتها الإنتخابية بأنها ستتبع سياسة خارجية قائمة على تعقب وملاحقة المجرمين وتستند إلى القيم. كما تعهدت أيضاً بجعل حماية الديمقراطية موضوع رئاسة ألمانيا لمجموعة الدول السبع الاقتصادية الرئيسية هذا العام، يضع بربوك على مواجهة مباشرة مع الصين.

وفي يوم الأربعاء، عززت تصريحات وزيرة الخارجية البالغة من العمر 41 عامًا خلال مؤتمر صحفي في واشنطن مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين وجهات النظر هذه، الأمر الذي أقلق الشركات الألمانية والتي تعتمد على الصادرات إلى الصين.

عند السؤال فيما إذا كانت برلين تدعم الإنتقادات الأمريكية لوثيقة حقوق الإنسان الصينية أم لا، أشارت بربوك إلى أن ألمانيا تساعد في المقترحات « بأن المنتجات الناتجة عن العمل بالإكراه وما يرافقه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لا يمكن لهذه المنتجات بأي شكل من الأشكال أن تدخل السوق الأوروبية» .

و أضافت :«وينطبق الأمر ذاته عندما يتعلق بالتضامن مع ليتوانيا»  في إشارة إلى الخلاف بين الدولة الصغيرة في الاتحاد الأوروبي وبكين. أثار تصميم ليتوانيا على السماح لتايوان بفتح مقرّ عمل لها داخل الدولة غضب الصين، التي تعتبر الجزيرة جزءًا من أراضيها.

لطالما دعت الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف أكثر حزما تجاه منافستها الصين، ولكن على مدار 16 عامًا من وجود ميركل كمستشارة لألمانيا، سعت ألمانيا عادةً إلى ثبات مساعي شركتها تجاه قضايا حقوق الإنسان. لكن وزيرة الخارجية الألمانية الجديدة بربوك وضعت النقاط على الحروف وكانت أكثر وضوحاً هذا الأسبوع. حيث قالت: «نحن كأوروبيين نقف متضامنين إلى جانب ليتوانيا» .

ومع ذلك، ذكر جوزيف برامل _العضو في منظمة الرسوم الثلاثية غير الحكومية التي تسعى إلى تعزيز التعاون بين اليابان وأوروبا الغربية وأمريكا الشمالية _  إن السياسة الخارجية الألمانية قد تكون مدفوعة بقوة أكبر من قبل المستشار الألماني الجديد . وأشار إلى أنه يتعين علينا انتظار تصرفات المستشار الجديد لإجراء تقييم حازم.

المصدر: روكواي ادفوكيت نيوز 

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد