سعود المولى في “الإخوان والجيش”: خلفيات ووقائع الصراع الدموي على حكم مصر!

طارق حمو

يتعرض الأستاذ الجامعي اللبناني سعود المولى، في كتابه (الإخوان والجيش)[1]، إلى مسيرة جماعة الإخوان المسلمين المصرية منذ البدايات، وعلاقتها مع السلطة، وبشكل خاص الجيش في العهد الملكي وبعد ثورة 1952م التي قادها الضباط الأحرار. ويقسم المؤلف الكتاب إلى عدة محاور، يتعرض من خلالها إلى الظروف التي ادت إلى نشأة وظهور جماعة الإخوان المصرية، ومن ثم بداياتها، والسياسة التي اتخذتها بعد الثورة التي قام بها الجيش على الملكية. ويسرد المؤلف تفاصيل كثيرة استقاها من مقابلاته مع رموز جماعة الإخوان المسلمين، ومع الأعضاء السابقين في تنظيم الضباط الأحرار الذي قام بالانقلاب/الثورة على الملكية في مصر. كذلك يورد جملة كبيرة من المصادر التي كتبها رجالات الفكر والسياسة داخل جماعة الإخوان، وكذلك مذكرات عدد من الضباط الأحرار، وشخصيات أخرى كانت شاهدة على ذلك العصر الحافل بالاحداث والمجريات التي أثرت على الحياة السياسية في مصر، وبالتالي على مجمل الحياة السياسة العربية، وعلى مشهد الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط، حيث تاريخ وأسرار جماعة الإخوان، وما تفرع منها لاحقا من جماعات الإسلام السياسي، التي اتخذ العديد منها خطا عنفيا دمويا ما زالت تداعياته المدمرة مستمرة إلى الآن.

ويذكر المؤلف بأن انهيار السلطنة العثمانية التي كانت تمثل الخلافة الإسلامية، وظهور التقسيمات القومية، وبروز حركات “التغريب” و”التبشير” أثرت بشكل كبيرة على الحياة السياسية في مصر، مشيرا في هذا الصدد إلى دور المفكر الإسلامي محمد عبده، والذي حاول تقديم اسلام متصالح مع الحداثة، يمكن من خلاله تقبل الدولة الجديدة بمفهومها المعاصر، و” لعل هذا ما يفسر كيف أن كل اطراف الصراع اللاحق (العلماني ـ الديني) زعموا الانتساب إلى مدرسة محمد عبده. فمن جهة ظهرت المدرسة السلفية التقليدية على يد محمد رشيد رضا ومجلة المنار وعلى قاعدة تعاليم “الاستاذ الإمام”. ومن جهة مقابلة، تطورت مدرسة الحداثة والعصرنة مدعية الاستناد إلى تنوّر محمد عبده لتبرير طروحاتها، ولا سيما من طرف طه حسين وعلي عبد الرازق وأحمد لطفي السيد”[2].

ويشير المؤلف إلى الحياة السياسية في مصر عقب سقوط الخلافة العثمانية وإثناء الاحتلال البريطاني، موضحا بأن المزاج العام كان يتجه إلى مساندة حركات التحرر في بلاد العرب والمسلمين، على قاعدة الرابط الإسلامي. وقد تشكلت في بداية العشرينات الاحزاب السياسية والجمعيات الدينية، لتنشر الوعي السياسي بين الجماهير، حيث الحماس اللاهب للقضايا العربية والإسلامية، والحلم المتجدد في عودة الخلافة الإسلامية. ويوضح المؤلف بأن احد أسباب تفكير حسن البنا (1906ـ 1949 م) في تشكيل جماعة الإخوان المسلمين، كان حركة التبشير المدعومة من سلطات الاحتلال البريطاني، ” وقد ربط حسن البنا بين نشاطات التبشير ونشوء حركة الإخوان المسلمين، لا بل حتى إنه ربط نمو نشاط الإخوان بأماكن وجود المراكز النشيطة للتبشير مثل المحمودية والمنزلة والدقهلية والاسماعيلية وبور سعيد. كما ان الشيخ الإخواني محمود عبد الحليم يقرر في مذكراته بأن الأثر الأكبر في نمو تيار الإخوان (والتيار السلفي خصوصا) في مصر يعود إلى حركة التبشير. فلولا هذه الحملة المسعورة (حركة التبشير) ما استطاع حسن البنا أن يجمع على العمل للإسلام هؤلاء الرجال الذين لم تكن تجمعهم جامعة ولا تضمهم رابطة”[3].

ويبين المؤلف أن الجماهير كانت ترى الأمل في عودة الخلافة، وتظن بأن الإسلام يتعرض إلى مؤامرة كبيرة، وترنو إلى عودة الحكم الإسلامي، عائدة السبب وراء البؤس وحالة التراجع، إلى ترك العمل بالإسلام وعقيدته. وكان للأمير اللبناني الدرزي شكيب أرسلان عبر كتاباته إلى جانب صحف مثل (المنار) و(الفتح) و(الشورى) أبلغ الأثر في إبقاء جذوة الإسلام في عقول المواطنين، حيث الدعوة إلى التمسك بالهوية، وبالذات الثقافية والتاريخية، وعدم جواز تقليد الغرب. كذلك يشير المؤلف إلى محاولات من أسماهم بالمتغربين الرامية إلى اصلاح أنظمة التعليم والتربية، مسميا بالاسم كتابي (الإسلام وأصول الحكم) للقاضي الأزهري علي عبد الرازق عام 1925 م، وكتاب (في الشعر الجاهلي) لطه حسين عام 1926 م، حيث تعرض الأثنان بالنقد والتحليل العلمي المنطقي للتراث السائد، محاولين فتح طريق للمعاصرة، واخضاع التراث السائد لمناهج البحث العلمي وأصول النقد والمراجعة المنطقية المجردة.

ويوضح المؤلف بأن معركة كبيرة قامت بين دعاة المعاصرة والنقد العلمي ومراجعة التراث ونزع القداسة عنه، وبين دعاة الأصالة والتمسك بحرفية النص، من الذين يعتبرون التراث مقدسا لا يجب الخوض فيه بالنقد أو المراجعة عبر استخدام أي أدوات بشرية أخرى، ” أولى نتائج هذه المعركة الحضارية ـ السياسية تمثلت في انتعاش التيار الإسلامي الحركي المقاوم في مصر وامتداد تأثيره إلى شبه القارة الهندية، وإلى أندونيسيا وماليزيا وبلدان المغرب في شمالي أفريقيا. ورافق ذلك ولادة عشرات الجمعيات والهيئات الدينية في مصر، وهي معظمها أبصرت النور ما بين عامي 1927 و1929، وكان أبرزها جمعية “الإخوان المسلمون”، ومؤسسها حسن البنا، الذي عٌرف بإعجابه الشديد وتأثره الكبير برواد الحركة الجديدة في مصر، كما تشهد بذلك كتاباته المبكرة في مجلة “الفتح”، وتردده على المكتبة السلفية، واتصاله بمحب الدين الخطيب وعبد الحميد سعيد والشيخ أحمد عبد الحميد، وكذلك تردده على مجالس الشيخ رشيد رضا في دار العلوم. كما يذكر هو نفسه ذلك في مذكراته حيث يتحدث عن مرحلة 1925 ـ 1928 والصراع الحضاري السياسي، وبحثه عن أشكال جديدة للمواجهة بعد انتشار الجمعيات الدينية بتأثير من صحف المنار والفتح والشورى”[4].

وغالبا ما يلجأ منظروا الإسلام السياسي إلى التركيز على فترة سقوط الدولة العثمانية، باعتبارها مؤامرة كبرى مخططة من الغرب والمسيحية على الإسلام والمسلمين. وتمتلئ أدبيات الإسلام السياسي باختلاف مشارب الجماعات والمنظمات بمثل هذه الاتهامات، التي تصور الدولة العثمانية خيرا كليا والغرب بكل حضارته وتطوره شرا مستطيرا، لا هم لديه سوى النيل من الإسلام والمسلمين، ” لقد كانت مصر بالذات من أبرز أهداف الغزو الصليبي بالاضافة إلى تركيا، لمحاولة القضاء على الإسلام في صورتيه السياسية والحربية ممثلا في الدولة العثمانية، وفي صورتيه الروحية والثقافية ممثلا في الأزهر، ثم إذا تم اخضاع هاتين القلعتين بالذات، وإبعادهما عن الإسلام، فيمكن حينئذ تصدير الفساد منهما إلى بقية العالم الإسلامي، وبدلا من أن تكون الأفكار المطلوب بثها ـ والتي تمثل الغزو الفكري ـ عليها طابع لندن وباريس، فينفر المسلمون في كل الأرض، يكون الطابع مصنوعا في القاهرة واسطنبول، فيسهل تقبل الناس له!”[5].

ويتوقف المؤلف عند شخصية حسن البنا، ودوره المحوري والرئيسي في المشهد السياسي في ذلك الحين، والأسباب التي دعته إلى التفكير في تأسيس جمعية الإخوان المسلمين، والأهداف التي كان ينشدها من وراء هذا التكتل الديني، ” رأى البنا أن عوامل التحلل أخذت تزحف على الدولة الإسلامية وتنتشر وتقوى حتى فرقت كيانها، وقضت على الدولة المركزية في القرن السادس الهجري بأيدي التتار، وعلى يد الغرب في القرن الرابع عشر الهجري مرة أخرى، وتركت وراءها في كل مرة أمما ممزقة ومبعثرة ودويلات صغيرة تتوق إلى الوحدة وتتوثب للنهوض. وأهم العوامل التي أدت إلى تحلل الدولة الإسلامية كما يراها البنا، تتخلص فيما يلي:

أولاً: الخلافات السياسية والعصبية وتنازع الرياسة والجاه.

ثانيا: الخلافات الدينية والمذهبية، والانصراف عن الدين كعقائد وأعمال إلى ألفاظ ومصطلحات ميتة لا روح فيها ولا حياة، والولع بالجدال والمناظرات والجمود والتعصب للآراء والأقوال.

ثالثا: الانغماس في الترف والنعيم، والإقبال على المتعة والإسراف والشهوات.

رابعا: انتقال السلطة والرياسة إلى غير العرب من الفرس تارة، والديلم تارة أخرى، والمماليك والأتراك وغيرهم ممن لم يتذوقوا طعم الإسلام الصحيح.

خامسا: إهمال العلوم العلمية والمعارف الكونية، وتضييع الجهود في فلسفات نظرية عقيمة وعلوم خيالية سقيمة.

سادسا: غرور الحكام بسلطانهم والإنخداع بقوتهم، وإهمال النظر في التطور الاجتماعي للأمم من غيرهم، حتى سبقتهم في الاستعداد والآهبة وأخذتهم على غرة.

سابعا: الانخداع بدسائس المتملقين من خصومهم، والإعجاب بأعمالهم ومظاهر حياتهم، والاندفاع في تقليدهم فيما يضر ولا ينفع، وضربوا بذلك مقومات الأمة الإسلامية”[6].

لقد فهم حسن البنا بأن لشخصية القائد المؤسس سحرا خاصا لدى أتباع وأعضاء التنظيمات العقائدية والايديولوجية، فعمل على خلق هالة من الهيبة والوقار والقوة حول نفسه، وعمل على توطيد الخصال القيادية في شخصيته، مستعينا بتجارب الكثير من التنظيمات والأحزاب والحركات التي سبقته، أو تلك التي عاصرته، وكذلك عبر تحليله لشخصيات العديد من القادة والرموز الايديولوجية سواء في الشرق أو في الغرب. لقد أراد حسن البنا خلق تنظيم جديد يختلف عن السائد، ويحتوي بداخله الأوجه الناجحة لتجارب وخبرات التنظيمات والأحزاب الأخرى، ومن هنا ” أسس حسن البناء في دعوته للعمل الجماهيري المنظم، وهو الأمر الجديد الذي استوحاه من فشل تجارب النهضة السالفة (وتجربة أحمد عرابي وعبد الله النديم تحديدا)، ومن قوة وعظمة التجربة الحزبية الجديدة للحركات الفاشية والنازية والشيوعية في العالم (وما أكثر وجوه الشبه في شخصية كل من البنا وأنطون سعادة وفهد العراقي في هذا المجال)، ولكن أيضا من قوة وعظمة ونجاحات الحركة التبشيرية الانجيلية التي كانت تغزو مصر يومذاك (وما أكثر وجوه الشبه في شخصيتي البنا وشكيب أرسلان في هذا المجال). إلا أن الأمر الأهم هو أن البنا كان أيضا خلاصة الشعور الإسلامي الديني المتجذر في مصر، والممتد عميقا بين أبنائها. وهذا يجعلنا نقول ان البنا اعتمد على الجذور المصرية الأصيلة في تحقيق مشروعه، وهذا لا ينفي امكانية ان يكون استفاد أو تعرف على التجارب الخارجية، بل لعل هذا التعرف قد ساعده على صقل التجربة وبلورة الوعي”[7].

ويذهب المؤلف بأن البنا كان يهدف في الأساس من وراء تأسيس وتمكين الإخوان المسلمين في المجتمع والحياة العامة، إلى أسلمة هذا المجتمع ونشر مظاهر الأسلمة، طقوسا وتطبيقا للشريعة والحكم الإسلاميين، في مفاصل الدولة والحياة العامة، ” لقد تميز الإمام البنا بالدعوة إلى التغيير من خلال المجتمع وليس من خارجه، ومن ثم فانه لم يكن يدعو إلى رد الناس إلى دينهم بقدر ما كان يدعوهم إلى استكمال أسلمة المجتمع. ومن هنا فقد أمسك حسن البنا بقضية محورية تتمثل في بلورة مفهوم شمولية الإسلام بحيث يهيمن على السلوك الشخصي كما على الممارسة السياسية للجماعة المنظمة. ولذا فإن حسن البنا لم يطور نظرية خاصة بقدر ما طرح قضية أساسية، وبلور حولها مبادئ ومفاهيم تهدف إلى اثبات معركته الأساسية، وذلك من خلال شمولية الموقف والرأي والسلوك الإسلامي لكل مناحي الحياة وقضايا المجتمع في مرحلته. وبقدر ما كانت الدعوة جماهيرية، تتوجه إلى عموم الناس، وتتبنى قضايا الأمة والمجتمع، بقدر ما تطور العمل المنظم إلى صيغة تنظيمية أخذت معها فئة من المسلمين تتمايز عن الناس جميعا، ثم أخذت فئة خاصة من داخل جماعة الإخوان تتمايز عن الإخوان انفسهم، لا بل وحتى عن المرشد والمؤسس الإمام البنا نفسه. فكانت هذه هي النقلة الطبيعية الموضوعية الخاصة بآلية تطور أي اطار تنظيمي يولد لتجسيد قيم ومفاهيم معينة، ثم يتحول ليكون هو نفسه القضية والقيمة والفهوم العام”[8].

وكان حسن البنا يحاول النأي بنفسه عن التأطير السياسي المباشر، ويفضل بدلا عنه التغلغل في وجدان وعقول وحياة المسلمين دون الاصطدام مع السلطات والنظام في المجتمعات والدول المسلمة، “لقد كان على البنا أن يخوض معركة حامية الوطيس، لمطاردة المفاهيم الخاطئة عن العلاقة بين الدين والسياسة، تلك المفاهيم التي غرسها الجهل والهوى، وتعهدها الاستعمار الثقافي بالسعي والرعاية حتى تغلغلت جذورها وامتدت فروعها. وكان لابد من حرب الفكرة الخاطئة بالفكرة الصحيحة وهي “شمول الإسلام” لكل جوانب الحياة…ومنها السياسية، كما دل على ذلك القرآن والحديث، وهٌدى الرسول وسيرة الصحابة، وعمل الأمة كلها طيلة ثلاثة عشر قرنا أو تزيد. وللإمام الشهيد في ذلك كلمات تكاد تكون محفوظة لدى جمهور الإخوان، ومن ذلك قوله في إحدى رسائله: “إذا قيل لكم: إلى ما تدعون؟ فقولوا: نحن ندعو إلى الإسلام الذي جاء به محمد(ص) والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه. فإن قيل لكم هذه سياسة فقولوا: هذا هو الإسلام، ونحن لا نعرف هذه الأقسام”[9].

ثم يتحول المؤلف سعود المولى إلى متن الموضوع الأساسي للكتاب، وهو علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالجيش المصري في العهدين الملكي وثورة يوليو/تموز، فيشير بشكل مفصل وبإسهاب كبير، إلى نقطة مهمة ساهمت في تشكيل هذه العلاقة المتصفة بالتوتر والتنافس والتصادم والتحارب، الا وهي الحرب في فلسطين، وسعي الإخوان إلى إضفاء صبغة دينية على الصراع بين الدولة الإسرائيلية الناشئة وبين الشعب الفلسطيني، حيث اعتبر الإخوان ان هذا الصراع هو في الأساس صراع ديني المبعث بين اليهود والإسلام، وأن المقاومة للمشروع الصهيوني مهمة تقع على عاتق كل الأمة الإسلامية، والوصف الأصح لها، هو الجهاد،” وبحسب الوثائق المصرية، نرى أنه خلال الأعوام 1940 ـ 1945 توقف كل نشاط اخواني وغير اخواني بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية، لتنطلق مرة جديدة حملات الإخوان من أجل فلسطين مع انتهاء الحرب. غير ان الدكتور توفيق الشاوي وكان أحد أبرز رجال “قسم الاتصال بالعالم الإسلامي” الذي أسسه حسن البنا كذراع خارجي للإخوان، يقول بأن الحرب العالمية الثانية كانت فترة نشاط كبير للإخوان بالنسبة إلى قضية فلسطين. وهو يوضح مغزى هذا الأمر بقوله: وكان أغلب نشاطنا في الحقل السياسي خاصا بقضية فلسطين، وخصوصا لأن المفتي الحاج أمين الحسيني كانت له علاقة بالإخوان المسلمين عن طريق الهيئات الإسلامية في فلسطين. غير أنه لا يذكر سوى واقعة سفره للدراسة في باريس عام 1946 كدليل على هذا النشاط السياسي، إذ أفهمه الشهيد حسن البناء بأن قضية فلسطين ستبقى هي مهمتي الأولى، حيث أن المفتي الأكبر الحاج أمين معتقل هناك تحت الاقامة الجبرية، وهدفنا هو مساعدته ليقوم بدوره في قيادة الجهاد الفلسطيني الذي كان هو محور نشاط الإخوان في تلك الفترة. وقد أشار البنا إلى نشاط الإخوان في تلك المرحلة، قائلا بأن الإخوان وقفوا على مناصرة فلسطين كل جهودهم ماليا وأدبيا حيث الدعاية والخطابة والنشر وجمع المال. ولكن يبدو أن فترة الحرب كانت مناسبة لبناء التنظيم السري الخاص أو الجناح العسكري للإخوان والقيام بتدريبات واستعدادات. وهو الأمر الذي فتح باب العلاقة بالضباط المصريين الأحرار من خلال عزيز المصري ومحمود لبيب وأنور السادات كما سنرى لاحقا، كما يبدو كذلك أن فترة الحرب كانت مناسبة للتحرك خارج مصر وافتتاح فروع للإخوان في البلاد العربية وبالاخص فلسطين وسوريا ولبنان، واقامة علاقات مع حركات التحرر والاستقلال في المغرب الكبير(تونس والجزائر ومراكش)”[10].

وبدأ حسن البنا يضع لبنات التنظيم العسكري السري للإخوان المسلمين. وهو تنظيم أراد له البنا أن يكون الذراع العسكري للجماعة، يرهب به خصوم وأعداء الجماعة، ويصبح في وقت لاحق الأداة القوية التي يٌراد من خلالها إحداث التغيير في الدولة والانقلاب على النظام السائد، من أجل الوصول إلى هدف الإخوان في المجتمع المسلم ودولة الشريعة. واعتير هذا التنظيم المسؤول الأول عن عدد كبير من أعمال القتل والتخريب التي طالت مسؤوليين ورموزا كبار في العهد الملكي، وكذلك في عهد ثورة يوليو/تموز حيث تصاعد التوتر والمواجهات بين الإخوان وضباط مجلس قيادة الثورة.

ورغم الرفض الظاهري للعنف إلا أن الجماعة كانت لا ترى ضررا من استخدامه في وجه كل من “يشيع الفاحشة والإفساد بين الناس”، وهم شريحة طويلة صنفهّا الإخوان وحكموا عليها بالخروج من الملة، فحق إنزال العقاب بها، ورغم ان الإخوان أعلنوا عدم رضائهم عن استخدام العنف والقوة، فقد “برروا هذا الأسلوب والتمسوا الأعذار له، فحين ارتكبت بعض جرائم العنف والتخريب وتحطيم بعض المحلات والحانات عام 1939 م واتهم الإخوان وشباب مصر الفتاة، كتب حسن البنا في مجلة “النذير” تحت عنوان “تحطيم ظاهرة تدعو إلى التفكير الجدي”، أن كثيرا من الناس يستحق حجرا اجتماعيا باسم القانون لأنه يسيء استخدام حريته الفردية والاجتماعية ويشيع الفاحشة والإفساد بين الناس، ومن هؤلاء مدمنو الخمر ومدمنو المقامرة واحلاس بيوت الفجور وقعدة المقاهي والمشارب، والبارات والصالات”[11].

وكانت الجماعة تضع لبنات تشكيل جهاز المخابرات الخاص بها، أو ما عٌرف ب”التنظيم الخاص”، وهو الذراع العسكري للجماعة، وكان البنا من المشرفين عليه، إضافة إلى خبرات أخرى عسكرية، منها من كان داخل الجيش المصري، ومنها من كان قد سٌرح أو أنهى خدمته العسكرية، ولكنه يتمتع بخبرة كبيرة في المجال العسكري، رأت الجماعة إنها يجب أن تستفيد منها، وهكذا فقد “تشكل داخل التنظيم الخاص جهاز مخابرات على جانب كبير من المهارة ليمد القيادة بمعلومات وافية عن خصومها وأصدقائها، وقد شمل نشاط هذا الجهاز جميع الأحزاب المصرية في ذلك الوقت فضلا عن النقابات والجمعيات المختلفة والوزارات والجامعات والمدارس والأزهر وأقسام البوليس والمحال والمصانع اليهودية والأجنبية والمصرية”[12].

وبعد أن فشلت الجماعة عن طريق السياسة والمشاركة البرلمانية في تشكيل الحكومة وتطبيق برامجها الرامي لأسلمة الحياة والدولة وتحقيق الهدف النهائي في تمكين دولة الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية، بدأت باللجوء إلى خيار العنف والسلاح، ذلك الخيار الذي لم يكن يوما مستبعدا لدى الجماعة، أو أنها لجأت إليه مضطرة مجبرة ومكرهة، كما يقول البعض، وقد ” تأكد اتجاه الجماعة إلى العنف بل عودتها إليه بعد أن راودتها فكرة استخدام الطريق البرلماني للوصول إلى أهدافها وفشلت فيه، فقد حاول حسن البنا دخول الانتخابات في دائرة الإسماعيلية عام 1942 ولكنه تنازل عن الترشيح بضغط من الحكومة مقابل مكاسب حصلت عليها الجماعة من وزارة الوفد تعطيها حرية الحركة، ثم رشح نفسه مع عدد قليل من جماعته في وزارة احمد ماهر مع نهاية 1944 وبداية 1945 ولكنهم هزموا بعد أن قامت الحكومة بتزوير الانتخابات فأصابهم الإحباط واليأس من الطريق البرلماني فاتجهوا إلى العنف”[13].

وفي هذه المرحلة، أي ما بين سنوات 1945 و1948، شن الإخوان المسلمون سلسلة من عمليات الاغتيالات ضد رموز ورؤوس الدولة المصرية، شملت قتل كل من أحمد ماهر، رئيس الوزراء عام 1945، و أمين عثمان وزير المالية عام 1946، والمستشار أحمد بك الخازندار عام 1948، وفي نفس العام صدر قرار من مجلس الوزراء بحل جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها جماعة محظورة وغير قانونية، وشٌنت ضدها حملة اعتقالات كبيرة، وتم فصل الآلاف من المدارس والوظائف، ورد الإخوان على هذه السياسة بأخرى أكثر عنفا وتصعيدية عندما قتلوا رئيس الوزراء النقراشي باشا، وجاء ذلك لأن ” الإخوان اعتبروا أن قرار الحل كان بمثابة إعلان الحرب عليهم خاصة وان السلطة رغم أنها لم تلق القبض على المرشد العام، غير أنها ضيقت عليه الخناق وحدّت من حركته، وتصاعد شعور الإخوان العدائي ضد النقراشي باشا(رئيس الوزراء) والذي اصدر قرار الحل واعتبروا هذا القرار استفزازا لهم لقتل النقراشي باشا. فبعد عشرين يوما من قرار الحل وفي 28/12/1948، اغتيل النقراشي باشا بوزارة الداخلية على يد أحد أعضاء الجهاز السري للإخوان المسلمين وهو “عبد المجيد أحمد حسن” وهو طالب بكلية الطب البيطري، ويذكر القاتل في بداية التحقيق معه ثلاثة أسباب لإقدامه على عملية الاغتيال وهي: تهاون النقراشي باشا في شأن قضية وحدة مصر والسودان، وخيانته لقضية فلسطين، واعتدائه على الإسلام بحل جماعة الإخوان المسلمين”[14].

وبدأت الحكومة بملاحقة كل شخص يٌعتقد بأنه من جماعة الإخوان المسلمين، وكان القرار قد صدر بتصفيتهم جسديا وسياسيا واجتثاث كل خلاياهم، وقد قررت الأجهزة الأمنية المختصة بملف الإخوان المسلمين، والتي كانت تترصد كل اجتماعات تنظيمهم السري، إجبار المرشد العام حسن البنا على إصدار فتوى ضد قاتل النقراشي، وضد كل من لجأ إلى العنف، وهكذا تم “استدراج الشيخ إلى إصدار بيانات واتخاذ مواقف تدمر سمعته السياسية وتظهره بمظهر الضعيف أمام اتباعه وجماهيره، وتؤدي إلى تدمير معنويات الإخوان المحتجزين ثم في النهاية تصفيته جسديا بعد أن يُصفى سياسيا”[15]. وقد تبرأ “البنا” في بياناته تلك من كل من ارتكب العنف وقتل رجالات الدولة، وقال هؤلاء بأنهم “ليسوا بإخوان وليسوا بمسلمين”، وكان هذا مدمرا لإيمان ويقين أتباعه، وخصوصا من عانوا التعذيب الشديد في السجون.

ومن ثم تم تصفية “البنا” جسديا، حيث يؤكد الإخوان أنفسهم إن “الشيخ قد اغتيل في 12 شباط/فبراير 1949، يوم عيد ميلاد الملك السابق فاروق احمد فؤاد، فكان اغتياله هدية ميلاد الملك (..)، وطلبت الجماعة رسميا من المحكمة التي عقدت في أعقاب ثورة تموز/يوليو لمحاكمة قتلة الشيخ حسن البنا، تقديم متهمين جدد على رأسهم الملك السابق فاروق وذلك باعتباره محرضا وفاعلا أصليا”[16]. 

أما لماذا انتهت الجماعة، في تلك الفترة، هكذا منتهى، فالجواب يتعلق بالبنية الحربية لهذه الجماعة، حيث إنها لم تستبعد العنف يوما كخيار للوصول إلى السلطة والامساك بزمام الحكم والادراة، وطبقت هذا العنف حينما وجدت نفسها قوية تمتلك العزيمة والقدرة، وترى في خصومها الضعف والتردد، وتراجعت عنه حينما وجدت من يهاجمها ويشتت صفوفها بكل قوة وعنف، ومن هنا “إذا أردنا أن نلخص ونبلور هدف الإخوان من حادث اغتيال النقراشي باشا، فنحن نتساءل هل كان مجرد رد على قرار النقراشي بحل الجماعة أم كان الهدف أوسع من ذلك بكثير، وفي رأي اللواء حسن طلعت مدير مباحث أمن الدولة أن الإخوان تعجلوا الاستيلاء على السلطة”[17].

ورغم أن الإخوان قد تعرضوا لضربة كبيرة، حيث شٌتت شملهم وقٌتل مرشدهم، وأصاب التنظيم بشلل كامل، ألا أنهم وجدوا فرصة جديدة بالظهور، وذلك نقض حكم قضائي في عام 1951 قرار حل الجماعة، حيث عادت من جديد بعد ذلك الحكم إلى الحياة والعمل التنظيمي، الدعوّي والسياسي، وأفرج عن كامل معتقليها. وبعد انطلاقة ثورة يوليو عام 1952، رتبت الجماعة من جديد أوراقها، وانتهت من عهد الملكية والصراع معها، لتدخل في عصر آخر من الصراع مع العسكر والنظام الجديد.

ورغم ظهور العلاقات بين الجماعة وجمال عبد الناصر رئيس الجمهورية، بالجيدة، إلا أن الجانبين كانا يتربصان ببعضهما البعض، ففي الحين الذي كانت الجماعة فيه ترى في الثورة وعبد الناصر “امتدادا” لها، وتحن إلى الأيام الماضية، حينما كان ناصر وبعض رفاقه يتعاونون معها من داخل الجيش ويساهمون في تقوية خلاياها العسكرية النائمة، ” لعل بداية التردي في علاقة الضباط بالإخوان تعود إلى المرحلة التي تلت الحرب العالمية الثانية وما تولد عنها من أوضاع سياسية جديدة. ولعل الجانب الأبرز يعود إلى اضطراب وضع الإخوان في آخر عام 1946 ومطلع عام 1947، بسبب الأزمة الداخلية العنيفة التي أصابتهم والتي لعب فيها جماعة النظام الخاص دورا سلبيا. فقد أدى تزويج البنا شقيقته الكبرى من عبد الحكيم عابدين إلى فتنة، اذ ان بعض قدامى المؤسسين خافوا من منافسة عبد الحكيم لهم في مناصبهم البارزة في الدعوة لما له من مواهب تؤهله للبروز في المجتمع بعد أن اصبح صهرا للمرشد العام. وقد أدى ذلك إلى حصول استقالات وإلى اعتكاف مجموعات بدأت تجتمع خارج الاطار التنظيمي، إلى أن صدرت قرارات طرد حسين عبد الرازق، وابراهيم حسن وأحمد السكري، وكمال عبد النبي، وغيرهم، وذلك في 1/03/1947. وبحسب محمد نجيب وأنور السادات وحلمي سلام فإن هذه الأزمة كانت بداية الاستياء لدى الضباط الذين فقدوا الثقة في النموذج المثالي للإخوان”[18].

وكان عبدالناصر المنتشي بالثورة والسلطة والآمال المعقودة عليه، يتوجس من الجماعة ويحتاط لدورها القادم ويرى فيها منافسا له، تحمل شعارات كبيرة مثل تلك التي يحملها هو، ومن هنا ” رأى عبد الناصر أن الجماعة تحاول الضغط بأيديولوجيتها، كما استشعر تضخم قوة الجماعة التي أخذت تلوح بها فضلا عن التصريح بدورها في مساندة الحركة ليل 23 يوليو والإفصاح عن تاريخ العلاقة الخاصة التي كانت تربطها بضباط الحركة قبل 23 يوليو 1952. وقد اعتبر عبد الناصر هذه الضغوط تمهيدا من الإخوان للاستيلاء على السلطة. لذلك ابتعد عن جماعة الإخوان ابتداء من منتصف أغسطس عام 1952، وأخذ يضع القيود والحواجز أمام حركتها السياسية للحد من قوتها وللحجز على مستقبلها السياسي”[19].

وانتهى هذا التنافس وحالة العداء إلى محاولة الجماعة اغتيال عبدالناصر نفسه في 26 تشرين الأول 1954، وهي الحادثة التي أحدثت القطيعة النهائية ومنحت عبد الناصر الحجة للنيل من الجماعة وإزاحتها أمام طريقه كقائد أوحد للجيش والدولة كاملة، وقد ” قسمت الاعتقالات الأولى في 1954 الإخوان إلى شريحتين، الأولى تعاونت مع الثورة، والأخرى زج بها في المعتقلات، وهي تمثل الأغلبية الصامتة من أعضاء الجماعة، إضافة إلى القيادة العامة للجماعة. وأشار كامل إلى أن تجربة المعتقل مع الإخوان كانت قد كشفت لسيد قطب ضحالة فكر قيادات الإخوان، وهو ما كان يسر له به حين يلتقيه في السجن. وأضاف “كامل” أن السجن الحربي شهد إذلال قيادات الإخوان وعلى رأسهم الهضيبي، وعبد القادر عودة، ومحمد فرغلي، وحسين كمال الدين وكمال خليفة”[20].

وكانت حادثة محاولة الاغتيال، التي ينفي الإخوان صحتها، الفرصة الذهبية لعبدالناصر ونظامه، والجيش بالتالي، للنيل من الإخوان، وخاصة بأن قيادة الجيش قبل ذلك قد شهدت تصفيات داخلية بين عبد الناصر ومحمد نجيب، وقف فيها الإخوان إلى جانب ناصر، ” وقد أعطت هذه المسرحية المفبركة عبد الناصر الذريعة للقيام بضربته الكبيرة ضد الإخوان، والتي نتج عنها اعدام عبد القادر عودة ومحمد فرغلي ويوسف طلعت وإبراهيم الطيب وهنداوي دوير ومحمود عبد اللطيف (الشاب المنفذ للعملية). وسجن كل قيادة وأعضاء الدعوة لمدة تزيد على ال 17 عاما(أفرج عن 181 منهم مطلع عهد السادات، وبعضهم مات في السجن). وفي السجون التي مورست فيها أقسى أنواع التعذيب والإذلال، نشأت فكرة التكفير وخاصة في سجن ليمان طرة، حيث كان المرشد حسن الهضيبي يحاور الشبان المتحمسين للفكرة، وهو كتب في ذلك كتابه الشهير (دعاة لا قضاة) بمعاونة ابنه المستشار في محكمة الاستئناف العالي مأمون الهضيبي (نائب المرشد العام والناطق الرسمي باسم الجماعة ثم المرشد العام حتى وفاته). وتدور دعوة كتاب (دعاة لا قضاة) على أنه ليس بالأمر الهيّن في العقيدة الإسلامية تكفير المسلم مهما بلغ انحرافه أو قسوته”[21].

ولعل الإخوان لم يتعلموا من دروس الماضي، حيث ان تجربتهم في الحكم في مصر بعد ثورة 2011 م، توحي بمدى رهانهم على القوة والتمكن للتغلغل في مفاصل الدولة، بغية فرض الأسلمة الشاملة والقضاء على الجانب المدني من الدولة المصرية. وهو الامر الذي فرض عليهم مجددا مواجهة مع الجيش المصري، وقرارا جديدا من المؤسسة العسكرية بحل الجماعة واعتبارها هذه المرة “جماعة إرهابية” يلاحق كل قياداتها وأعضاءها.

—-

*باحث في الإسلام السياسي. من فريق المركز الكردي للدراسات.

—-

المصــــــــــــــــــــــــــــــادر:

[1] ـ سعود المولى: الإخوان والجيش. دار المشرق. القاهرة، مصر. الطبعة الأولى 2017 م.

[2] ـ المصدر السابق. ص 9 و ص 10.

[3] ـ نفس المصدر. ص 15.

[4] ـ نفس المصدر. ص 31 و ص 32.

[5] ـ محمد قطب: قضية التنوير في العالم الإسلامي: دار الشروق. القاهرة، مصر. الطبعة الثانية 2002 م. ص 27.

[6] ـ سعود المولى: الإخوان والجيش. مصدر سبق ذكره. ص 35 و ص 36.

[7] ـ نفس المصدر. ص 37 و ص 38.

[8] ـ نفس المصدر ص 58 و ص 59.

[9] ـ  يوسف القرضاوي: التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا. مكتبة وهبة. القاهرة، مصر. الطبعة الثالثة 1992. ص 53.

[10] ـ سعود المولى: الإخوان والجيش. مصدر سبق ذكره. ص 85 و ص 86.

[11] ـ السيد يوسف: الإخوان المسلمون وجذور التطرف الديني والإرهاب في مصر. الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة، مصر. الطبعة الأولى 1999 م. ص 207.

[12] ـ نفس المصدر. ص 235.

[13] ـ نفس المصدر. ص 253.

[14] ـ نفس المصدر. ص 283.

[15] ـ رفعت السعيد: حسن البنا: متى، كيف ولماذا؟. دار الطليعة الجديدة. دمشق، سوريا. الطبعة العاشرة 1997 م. ص 211.

[16] ـ السيد يوسف: الإخوان المسلمون وجذور التطرف الديني والإرهاب في مصر.  مصدر سبق الإشارة إليه. ص 216.

[17] ـ السيد يوسف: الإخوان المسلمون وجذور التطرف الديني والإرهاب في مصر.  مصدر سبق الإشارة إليه. ص 293.

[18] ـ ـ سعود المولى: الإخوان والجيش. مصدر سبق ذكره. ص 129 و ص 130.

[19] ـ عاطف السيد: عبد الناصر وأزمة الديمقراطية: سطوة الزعامة وجنون السلطة. مكتبة الإسكندرية. الإسكندرية، مصر. الطبعة الأولى 2002 م. ص  74.

[20] ـ سعود المولى: الإخوان والجيش. مصدر سبق ذكره. ص 160.

[21] ـ نفس المصدر. ص 186 و ص187.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد