كيف تحالف «وادي الموت» مع الهجمات الإلكترونية في أمريكا؟

باتت الهجمات الإلكترونية على مصالح وشركات أمريكية أشبه بحملات موسمية. فبعد ضربة نهاية عام 2020 للشركات الأمريكية وسرقة بيانات هائلة وتعطيل شركات، تعرضت أكبر شركة لحوم أمريكية في العالم إلى هجوم إلكتروني أدى إلى إغلاقها لأيام عديدة، وقبلها تعرضت شبكة طاقة أمريكية لعطل كبير بسبب هجوم مماثل.

الأمر يشبه إلى حد كبير جيشاً من القتلة المأجورين الذين يتجولون في أنحاء البلاد دون أن يعرف أحد مسارهم. وكثف مسؤولون أمريكيون الضغوط على شركات وخصوم أجانب لمحاربة مرتكبي جرائم الإنترنت، وقالوا إن الرئيس جو بايدن يدرس جميع الخيارات، بما في ذلك الرد العسكري، لمواجهة التهديد المتزايد.

وفي مطلع الأسبوع الماضي، استهدف متسللون إلكترونيون أكبر شركة لتعليب اللحوم في العالم، وفي مايو أيار، تعرضت أكبر شبكة لخطوط الأنابيب لتوزيع الوقود في الولايات المتحدة للهجوم، مما أثار مخاوف من تعطل إمدادات الغذاء والوقود.

وقالت وزيرة الطاقة جنيفر جرانهولم لشبكة (سي.إن.إن) إن خصوم الولايات المتحدة لديهم القدرة على إغلاق شبكة الكهرباء بالكامل. والمخاوف التي عبرت عنها الوزير الأميركية باتت تثير قلق مجتمع الأعمال. وشددت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو، على التهديد الدائم الذي تشكله الجرائم الإلكترونية ومسؤولية الشركات الخاصة في حماية نفسها من هذه الآفة، ونوقعت أن تتكثف هذه الهجمات.

النهج البديل

في آذار/ مارس الماضي، كان مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيل سوليفان، حازماً في تحذير خصوصمه الصينيين في اجتماع ألاسكا، أنه من الخطأ الاعتقاد بإمكانية تحقيق الصين انتصاراً على الولايات المتحدة من خلال مواجهة عسكرية في المحيط الهادي. لم يعترض الصينيون، ولم يقولوا «بل نستطيع»، لا على لسان مسؤولين ولا صحف ناطقة باسم الحزب الشيوعي، لأن بكين ستخوض معركة يمكن أن تتفوق فيها، وهي التكنولوجيا والاقتصاد. لكن سوليفان لم يقفز على هذه الحقيقة، وكتب لاحقاًَ «إن المقدمات المركزية للنهج البديل ستكون أن القوة الاقتصادية والتكنولوجية هي في الأساس أكثر أهمية من القوة العسكرية التقليدية في إقامة قيادة عالمية، وأن المجال المادي للتأثير في شرق آسيا ليس شرطاً مسبقاً ضرورياً لاستدامة هذه القيادة».

وادي الموت

لكن المعضلة التي تواجه الولايات المتحدة اليوم، في مجال تسريع وتيرة تحديث أدوات القوة، هو البيروقراطية وعدم القدرة على تقليص ما يسمى في المصطلح التنفيذي بـ«وادي الموت»، وهي المدة الزمنية بين اختبار تقنية ما أو سلاح جديد وبين وضعه موضع التنفيذ. وبدا المسؤول الدفاعي السابق، والمستشار العسكري لعدد من المراكز البحثية، أنتوني فلورني، ناقداً بحنق لهذا التلكؤ. وهاجم في مقالة بمجلة «فورين أفيرز» الأميركية ثقافة «مقاومة التغيير» في القطاع العسكري، وعدجم القدرة على إيجاد حل ملائم لـ«وادي الموت»، وهذا ما يترك المجال لدول منافسة، مثل الصين وروسيا، على تقويض نفوذ الولايات المتحدة حتى داخل الولايات المتحدة.

بالإضافة إلى ثغرة «وادي الموت»، تواجه الولايات المتحدة بيروقراطية ثقيلة في تطبيق التوصيات الأمنية على نحو سريع. ففي كانون الأول/ ديسمبر 2016، تحدث المدير الأسبق لـ«سي.آي.إيه»، ليون بانيتا، في منتدى بدبي، عن التحديات المستقبلية، وتوقع أن تكون الهجمات الإلكترونية ساحة الحروب المستقبلية. غير أنّه في هجوم ديسمبر 2020، كانت منصات مكافحة القرصنة واحدة من القطاعات الأكثر تضرراً في الهجوم الإلكتروني المدمّر الذي زعزع ثقة الأميركيين بتفوقهم في هذا المجال.

إن تعرض الولايات المتحدة بشكل متكرر لهجمات القرصنة، يعني أمراً واحداً حتمياً، أن هناك من سبقهم في التقدم.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد