جوش روجين | واشنطن بوست
بينما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يجلس إلى جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في “واشنطن” ويعلن بقاء القوات الأمريكية في سوريا “من أجل النفط فقط”، كان وزير دفاعه مارك ت. إسبر يروي للصحفيين قصة مختلفة – وهو أن الفكرة من الإبقاء على المئات من القوات الأمريكية التي تحرس حقول النفط السورية كانت تدور حول قتال تنظيم “داعش”. ولم يوضح أي منهما بالضبط ما سيحدث بعد ذلك في سوريا أو كيف تخطط الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها الأوسع هناك.
وصل “إسبر” إلى سول، يوم الخميس، في المحطة الأولى من جولة في أربع دول آسيوية. لذلك لم يكن متاحًا للانضمام إلى اجتماع “ترامب” مع “أردوغان” في البيت الأبيض، وقد شارك في هذا الحدث خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، الذين انتقدوا “أردوغان” -من بين أشياء أخرى- لمهاجمة القوات الكردية التي قاتلت إلى جانب القوات الأمريكية لسنوات ضد “داعش” وحمت ثلث سوريا من نظام “الأسد” وروسيا وإيران.
وعلى الرغم من انتقاد “ترامب” على نطاق واسع لتخليه عن الأكراد، إلا أنه أثناء الرحلة قال “إسبر” إن الخطة الأخيرة هي ترك “حوالي 500 إلى 600 مقاتل” هناك، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، حيث لن يتم التخلي عن الأكراد، وقال إن مهمة القوات المتبقية هي منع تنظيم “داعش” من السيطرة على حقول النفط التي يسيطر عليها الأكراد في محافظة دير الزور. “إذا تمكن التنظيم من تحقيق إيرادات، فيمكنه أن يدفع للمقاتلين ويمكنهم شراء الأسلحة، ويمكنهم القيام بعمليات. يمكن أن يفعلوا كل هذه الأشياء لأن الإيرادات تمكنهم من ذلك. هذا ما تتعلق به المهمة”.
ربما تكون تصريحاته مفسرة للأمور إلى حد كا، لكنها تتجاهل السياق الأكبر، فمن المحتمل جدًا أن يتولى الرئيس السوري بشار الأسد وإيران -وليس “داعش”- السيطرة على حقول النفط إذا ما غادرت القوات الأمريكية. إن استدعاء تنظيم “داعش” ما هو إلا وسيلة لتقديم مبرر قانوني شبه معقول لوضع قوات قتالية أمريكية هناك.
السبب الحقيقي وراء وجود القوات الأمريكية مختلف تماما: كان المسؤولون والمشرعون الأمريكيون يعرفون أن سيطرة “ترامب” على النفط، أو “تأمين النفط” بلغة الرئيس، هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يقنعه بعدم الانسحاب من سوريا بالكامل. إنها المهمة الوحيدة التي يهتم بها “ترامب”، فقد قال ذلك مرارا وتكرارا.
“نحن نحتفظ بالنفط. لدينا النفط. النفط آمن”.. هكذا قال “ترامب”، مضيفا: “لقد تركنا بعض القوات وراءنا، فقط من أجل النفط”.
غني عن القول إن هذا ليس صحيحًا تماما، فالأكراد “لديهم النفط”، وهم يحتفظون بالبعض ويبيعون جزء منه إلى نظام “الأسد”، الذي يقوم بتكريره ويبيعه لهم، أي أن القوات الأمريكية تحمي بشكل أساسي “نفط الأسد”، واسألوا “إسبر” عن ذلك، فأنا سألته وأجابني: “لست متأكدا كيف يعمل سوق النفط في سوريا”.
أخبرني السيناتور ليندسي غراهام أنه يعمل مع شركات النفط الأمريكية على الدخول وبناء بنية تحتية نفطية جديدة في المنطقة، للسماح للأكراد بتصدير نفطهم وجني أموال أكثر من الآن. كان “غراهام” معارضا لانسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، لكنه قال إنه تحدث مع مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، الذي أخبره أن “الكرد يشعرون بالتقدير لبقاء المئات من القوات التي لن تغادر”.
منذ أن أعلن “ترامب” أنه سيسحب القوات الأمريكية من سوريا للمرة الثانية، سعى المسؤولون والمشرعون إلى التخفيف من الأضرار والارتباك بإقناعه بالتراجع الجزئي. لقد نجح هذا الجهد الآن، للمرة الثانية. لكن الضرر قد حدث. ووفقًا لـ”غراهام”، فإن الوضع الحالي “غير قابل للاستمرار”، حيث قال إن الاستقرار في شمال شرق سوريا يعتمد على تركيا والأكراد.
لا يزال نظام “الأسد” وشركاؤه عازمون على اسعادة السيطرة على بقية سوريا، والقوات الأمريكية التي ستظل تتعرض لضغوط متزايدة مع مرور الوقت. لا يوجد حتى الآن أي وضوح بشأن مستقبل القوات الأمريكية البالغ عددها 200 جندي أو نحو ذلك في قاعدة جنوبية سورية أخرى تسمى “التنف”، أو حتى مصير الآلاف من المدنيين الأبرياء الذين يعيشون بالقرب من مخيم يدعى “الركبان”.
استضافت وزارة الخارجية هذا الأسبوع اجتماعًا للتحالف لهزيمة الدولة الإسلامية واجتماعًا لـ “المجموعة الصغيرة في سوريا”، والذي يضم دولًا أوروبية تطلب نشر قوات، لكن هذه الدول لن تفعل ذلك بينما يعلن رئيسنا علنا أننا هناك “فقط من أجل النفط”.
تقوم القوات الروسية الآن بدوريات إلى جانب قوات حليفنا في الناتو تركيا. شركاؤنا الأكراد في تحالف عام مع نظام “الأسد”، وهو ما أجبرناهم على السعي إليه. لم يؤد قبولنا لغزو تركيا إلا إلى المزيد من سفك الدماء وعدم الاستقرار، في وقت بات فيه النفوذ الإيراني في سوريا أعلى من أي وقت مضى.
“ترامب” ومسؤولوه بحاجة إلى أن يكونوا على نفس الهدف والمنطق، بل إنهم بحاجة إلى تحديد استراتيجية لاستخدام نفوذنا المحدود للغاية لتحقيق أفضل أهدافنا ومصالحنا، وعليهم أن يخبروا الشعب الأمريكي والعالم بماهية تلك الأهداف والمصالح، قبل أن يزداد الوضع في سوريا سوءًا.
—–
للاطلاع على النص الأصلي باللغة الإنجليزية.. اضغط هنا
ترجمة: أمنية زهران