إسرائيل تعيد بناء عقيدتها الإقليمية.. وتستعد لسيناريو حرب مع تركيا

لماذا تغيرت حسابات الدولة العبرية مع حليفتها المسلمة بعد 7 عقود من العلاقات؟

المركز الكردي للدراسات 

في آب/أغسطس 2024، أثمرت جهود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تأسيس لجنة عسكرية إسرائيلية بهدف مراجعة ميزانية الدفاع وتقديم توصيات لتعزيز قدرات الجيش الإسرائيلي. سُميت اللجنة باسم رئيسها، البروفيسور يعقوب ناجل، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي والمستشار المقرب لنتنياهو.

تتألف اللجنة من ستة أعضاء بارزين، بينهم قادة عسكريون واقتصاديون سابقون، مثل الجنرال عميكام نوركين، قائد سلاح الجو السابق، والجنرال يعقوب عميدرور، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي.
تتمثل مهمة اللجنة في تقديم دراسة شاملة لمستقبل المنظومة العسكرية الإسرائيلية، مع التركيز على التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة. وهذه المجموعة بمثابة قيادة فكرية للقوات المسلحة تقدم توصيات على درجة عالية من العمق وتكون لها الأولوية في التطبيق.
آخر التوصيات المفاجئة صدرت هذا الأسبوع. فقد قال تقرير لجنة ناجل حول ميزانية الدفاع واستراتيجية الأمن، التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية، إنه يجب على إسرائيل الاستعداد لمواجهة مباشرة مع تركيا. وحذرت من أن طموحات تركيا لاستعادة نفوذها العثماني قد تؤدي إلى تصاعد التوترات مع إسرائيل، وربما تتصاعد إلى صراع.
يسلط التقرير الضوء على خطر تحالف الفصائل السورية مع تركيا، ما يخلق تهديداً جديداً وقوياً لأمن إسرائيل.
يقول التقرير بحسب مقتطفات نشرتها صحف إسرائيلية: «قد يتطور التهديد من سوريا إلى شيء أكثر خطورة من التهديد الإيراني»، محذراً من أن القوات المدعومة من تركيا قد تعمل كوكلاء، ما يؤدي إلى تأجيج عدم الاستقرار الإقليمي.
كما حذر التقرير من المخاطر التي تشكلها قوة جهادية سنية متطرفة على حدود الأردن، حيث يمكن أن تثير وتشجع صعود الجماعات المسلحة في المملكة التي تكافح في كثير من الأحيان لاحتواء الاضطرابات الفلسطينية.
كما تعد تركيا – وفق التقرير- منافساً في سوق تصدير الأسلحة العالمية. تسمح الصناعة الأكثر تطوراً في البلاد لها بتقديم حلول عسكرية متقدمة، غالباً بأسعار منخفضة مع إمداد سريع، ما يضعها في منافسة مباشرة مع شركات الدفاع الإسرائيلية.
أوصت اللجنة بأن تضمن إسرائيل ميزة نوعية وتكنولوجية، مع الحفاظ على تفوقها التشغيلي في سوق الدفاع. كما يذكر التقرير الضغوط الدبلوماسية المحتملة من قبل تركيا على البلدان التي تفكر في شراء أسلحة دفاعية إسرائيلية، ما يؤثر بشكل أكبر على الموقف الاستراتيجي لإسرائيل.

إننا نشهد تغيرات جوهرية في الشرق الأوسط، فلطالما كانت إيران تشكل التهديد الأكبر لنا، ولكن هناك قوى جديدة تدخل الساحة.

بنيامين نتنياهو

على الرغم من العلاقات الجيدة السابقة بين إسرائيل والولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب، أوصى التقرير بأن تسعى إسرائيل إلى استراتيجية القدرة على الدفاع عن نفسها بمفردها دون أي مساعدة أجنبية. وعلى هذا، أوصت اللجنة بأن تبدأ إسرائيل في بناء القوات والأسلحة اللازمة لكي تتمكن من مهاجمة إيران والصمود في وجه الحرب مع تركيا بمفردها.

وتحدث نتنياهو عن التقرير بعد الاطلاع عليه قائلاً: «إننا نشهد تغيرات جوهرية في الشرق الأوسط، فلطالما كانت إيران تشكل التهديد الأكبر لنا، ولكن هناك قوى جديدة تدخل الساحة، وعلينا أن نكون مستعدين لما هو غير متوقع. يقدم لنا هذا التقرير خريطة طريق لتأمين مستقبل إسرائيل».

يأتي تقييم اللجنة في ظل سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المنطقة، والتي باتت أوساط إسرائيلية تراها معادية لمصالح الدولة العبرية على المدى البعيد. وفي الواقع، يمكن القول إن تركيا دخلت مؤخرًا فقط في تفكير “المدى البعيد” الإسرائيلي، حيث إن تل أبيب دأبت على التعامل مع تركيا بمنطق المنافع قصيرة الأمد، وعلى رأسها أنها دولة مسلمة تقيم علاقات مع إسرائيل منذ أكثر من 70 عامًا بدون حرج ديني أو قومي. يبدو – وفق تقرير اللجنة -أن هذه الحقبة من التفكير الإسرائيلي في طريقها للنهاية، وفقدت تركيا مزاياها القديمة لدى حليفتها العسكرية والأمنية، وحين يبدأ الإسرائيليون بالتفكير “على المدى البعيد”، فإنهم يرون تركيا تهديدًا لا يقل عن تهديد الأعداء التاريخيين لإسرائيل، مثل إيران.

في كل الأحوال، قدمت لجنة ناجل توصياتها إلى نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش يوم الاثنين 6 يناير 2024، حيث حددت استراتيجية شاملة للتعامل مع التهديدات الناشئة.

وتقترح اللجنة زيادة ميزانية الدفاع بما يصل إلى 15 مليار شيكل سنويًا على مدى السنوات الخمس المقبلة لضمان تجهيز قوات الدفاع الإسرائيلية للتعامل مع التحديات التي تفرضها تركيا، إلى جانب التهديدات الإقليمية الأخرى.

أوصت اللجنة بالتدابير التالية للتحضير لمواجهة محتملة مع تركيا:

  • الحصول على طائرات مقاتلة إضافية من طراز F-15، وطائرات التزود بالوقود، والطائرات بدون طيار، والأقمار الصناعية لتعزيز قدرات إسرائيل على الضربات بعيدة المدى.
  • تعزيز قدرات الدفاع الجوي متعددة المستويات، بما في ذلك القبة الحديدية، ومقلاع داود، وأنظمة آرو، ونظام الدفاع بالليزر الذي تم تشغيله حديثًا.
  • بناء حاجز أمني محصن على طول وادي الأردن، وهو ما من شأنه أن يمثل تحولًا كبيرًا في استراتيجية إسرائيل الدفاعية على الرغم من التداعيات الدبلوماسية المحتملة مع الأردن.
تهدف توصيات «لجنة ناجل» إلى تجهيز الجيش الإسرائيلي لمواجهة حروب إقليمية طويلة الأمد، مع مراعاة التغيرات في البيئة الأمنية. من المتوقع أن تؤدي هذه التوصيات إلى زيادة كبيرة في ميزانية الدفاع الإسرائيلية على مدى العقد المقبل.
تجدر الإشارة إلى أن تشكيل اللجنة أثار بعض الجدل، خاصة في ظل غياب مراجعة شاملة لإخفاقات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حيث يعتقد بعض المراقبين أن اللجنة قد تعيد صياغة عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي دون معالجة الأخطاء السابقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد