نزال بين إسرائيل وتركيا على الشرق الأوسط

وول ستريت جورنال وفوكس نيوز: إما تقسيم خط المصالح بين «شمال» و«جنوب» أو المواجهة

حسين جمو 
لا يوجد لدى إسرائيل وتركيا خبرة في إدارة الصراع بين الدولتين، لأنهما أساساً حليفان وبلدان متقاربان سياسياً. إن فترات التوتر بينهما محدودة وليست أمنية، فالتعاون العسكري والاستخباراتي ما زال نشطاً ومؤثراً، ولعب دوراً في إمداد أذربيجان بالأسلحة وتمكينها من الانتصار في حرب آرتساخ/ قره باغ/ الأخيرة، وما زال التعاون الاستخباراتي بينهما قائماً في مجال المعلومات المتعلقة بحزب العمال الكردستاني.
رغم ذلك، فإن إدارة التنافس بينهما بات معقداً بعد سقوط النظام السوري وقبلها هزيمة معظم أعضاء محور إيران في الشرق الأوسط. إسرائيل وتركيا بلدان صديقان بروتوكولياً، ولديهما «خصومة تنافسية» بخصوص غزة، إلا أن البلدان ليس لهما أصدقاء مشتركين في المنطقة. كل أصدقاء تركيا هم أعداء إسرائيل. لذلك، من غير المرجح أن يحافظ الجانبان على الطرق السابقة في إدارة التنافس وتضارب المصالح.
نشر ياروسلاف تروفيموف، محرر الشؤون الخارجية في صحيفة «وول ستريت جورنال»، تقريراً مطولاً بعنوان «إسرائيل ضد تركيا: صراع متصاعد على النفوذ في الشرق الأوسط». يقول إن تركيا وإسرائيل هما المستفيدان الاستراتيجيان الرئيسيان من انهيار النظام السوري، وهو الحدث الذي وضع حدًا للانحدار الدرامي للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، لكن الآن، هاتان الدولتان الحليفتان لأميركا، اللتان توترت علاقاتهما بالفعل منذ الحرب في غزة، تسيران على مسار تصادمي أعمق، في سوريا وخارجها. ومن المرجح أن تصبح إدارة هذا التنافس أولوية لإدارة دونالد ترامب، مما يزيد من الضغوط على شبكة تحالفات أميركا في أوروبا والشرق الأوسط.
تقول غونول تول، مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط: «يريد المسؤولون الأتراك أن تكون سوريا الجديدة ناجحة حتى تتمكن تركيا من امتلاكها، وهم يشعرون بأن الإسرائيليين قد يفسدون عليهم الأمر».  
بالتأكيد، لا يمكن مقارنة العداء التنافسي بين إسرائيل وتركيا بالصراع الطويل والدموي بين إسرائيل وإيران ووكلائها. ولكن المسؤولين الإسرائيليين قالوا إنهم منزعجون من أن المحور الإسلامي السُنّي الجديد الذي تقوده تركيا قد يصبح خطراً بالغ الشدة بمرور الوقت، خاصة في ضوء الدعم العلني الذي يقدمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأعداء إسرائيل.
مع تشكيل النظام في سوريا بعد سقوط بشار الأسد، برزت تركيا باعتبارها القوة المهيمنة في دمشق. إن هذا يجعل أردوغان أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق طموحه في مجال النفوذ الذي يمتد عبر الأراضي العثمانية السابقة، وصولاً إلى ليبيا والصومال. إنه نهج يتضمن التنافس مع إيران باعتبارها المدافع الأكثر صراحة عن القضية الفلسطينية حالياً، وهذا سيقودها إلى تصادم آخر مع إسرائيل، والأخيرة ترى ذلك تهديداً شديد الخطورة.
يقول يولي إدلشتاين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان الإسرائيلي، في مقابلة مع الصحيفة الأميركية إن «العلاقات مع تركيا في وضع سيئ بالتأكيد، ولكن هناك دائماً إمكانية لمزيد من التدهور. ليس الأمر أننا نهدد بعضنا البعض في هذه المرحلة، ولكن قد يتطور الأمر إلى صدامات فيما يتعلق بسوريا، صدامات مع وكلاء لتركيا». وسلط أردوغان الضوء على رؤيته الخاصة لتركيا كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط بعد يومين من سقوط الأسد. قال: «كل حدث في منطقتنا، وخاصة سوريا، يذكرنا بأن تركيا الحقيقية تتجاوز حدودها الجغرافية».
وفق الصحيفة فإنه باستثناء قطر، فإن شركاء واشنطن الآخرين في المنطقة، مثل السعودية والإمارات والبحرين والأردن، لديهم مخاوفهم الخاصة بشأن النفوذ التركي الجديد. ويخشى المسؤولون هناك أن يؤدي إحياء الإسلام السياسي المنتشر من دمشق إلى تقويض أمن دولهم.
إن تركيا، التي أصبحت في عام 1949 أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل، لا تزال تحتفظ بسفارة في تل أبيب على الرغم من أن أردوغان انتقد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووصفه بأنه «جزار غزة» بعد مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية هناك، وفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل.
يقول إيال زيسر، رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط المعاصر في جامعة تل أبيب: «لا تزال هناك قنوات اتصال بين البلدين، ولا تزال تركيا حليفة للولايات المتحدة، لذا يمكن سد الفجوة بينهما».
لقد أزعجت سياسات تركيا الخارجية والدفاعية الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ فترة طويلة، والتي كانت منزعجة من تعاون أردوغان العسكري والنووي مع روسيا، وما وصفه المسؤولون الأميركيون في ذلك الوقت بالمساعدات التركية السرية لتنظيم داعش في العراق وسوريا. ويقول جوناثان شانزر، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن تدعم إسرائيل وأوكرانيا وتايوان: «كانت تركيا لفترة طويلة دولة مارقة داخل التحالف الغربي».
قبل أيام، تبادلت وزارة الخارجية التركية ونظيرتها الإسرائيلية الاتهامات بخصوص سياسات الطرفين في سوريا. يعكس هذا التبادل الحاد مستوى جديداً من التدهور في العلاقات الثنائية، وفقاً لجاليا ليندن-شتراوس، زميلة أبحاث بارزة في معهد دراسات الأمن القومي. وتقول: «العلاقات بين إسرائيل وتركيا الآن في أدنى مستوياتها منذ عقود».
ترى شتراوس أن طموحات أنقرة تتزايد و«تسيطر على المناطق الشمالية.. السؤال الآن هو ما إذا كان نفوذ تركيا سيمتد إلى الجنوب أكثر، مما يضع أنقرة كراعٍ للنظام الناشئ».
وفي تقيميم نشرته شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، حذر محللون من أن الاشتباكات «غير المقصودة» مع إسرائيل قد تصبح حتمية مع تعميق تركيا وجودها في سوريا، بحسب إيتان كوهين ياناروچاك من مركز «موشيه ديان» بجامعة تل أبيب.
تضيف ليندن-شتراوس: «المصالح الرئيسية لتركيا تتركز في شمال سوريا، بينما تركز إسرائيل على الجنوب.. تمكنت إسرائيل وتركيا من إقامة قنوات مع روسيا لتجنب الاحتكاك. ستكون هناك حاجة إلى آليات مشابهة هنا».
السؤال: من سيقوم بدور روسيا لتنظيم المصالح التركية والإسرائيلية في «سوريا الجديدة»؟!

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد