المركز الكردي للدراسات يعقد ندوة مع مسؤول أميركي سابق حول مستقبل التحالف الدولي

عقد المركز الكردي للدراسات في 16 فبراير/شباط 2024 ندوة حوارية حول السياسات الأميركية في الشرق الأوسط بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول والحرب على غزة، بإدارة الزميل الباحث في المركز شورش درويش. واستضاف المركز مساعد وزير الخارجية الأميريكي الأسبق، ديفيد شينكر، الزميل الرائد في معهد واشنطن حالياً، حيث استعرض مواضيع وملفات امتدت من اليمن إلى العراق ومن إيران إلى سوريا ولبنان، والتواجد الأميركي في شمال وشرق سوريا، وعلاقات واشنطن مع كل من أنقرة والإدارة الذاتية وغيرها من ملفات الساعة الساخنة.
وأشار الدبلوماسي الأميركي السابق إلى أن الجماعات المدعومة من إيران نفّذت بداية الحرب في غزة 180 هجوماً  على القوات الأميركية في العراق وسوريا، لكن هذه الهجمات توقّفت منذ 4 فبراير/شباط. وقال شينكر إن طهران وواشنطن لا ترغبان في تصعيد الموقف إلى حرب شاملة بينهما، مضيفاً: «نعلم جميعاً أن إيران مستعدة لمحاربة الولايات المتحدة وإسرائيل حتى آخر عربي، وسوف تستخدم وكلائها كوقود لحربها. لكن إذا بدأت الولايات المتحدة بملاحقة الحرس الثوري الإيراني أو قامت بالاستهداف داخل إيران فإن وضع الحرب بالوكالة سيتغيّر». وأوضح: «الولايات المتحدة تهدف إلى التركيز على آسيا وإعطاء الأولوية لأوكرانيا.
ليست هناك رغبة أميركية في الدخول في حرب أخرى. وهناك حوار مع العراق بشأن سحب بعض القوات. إدارة (الرئيس جو بايدن) ليست مهتمة (بالبقاء أو الانخراط في حرب جديدة)». وتجري الولايات المتحدة حالياً محادثات مع بغداد لإنهاء وجود التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش في العراق. ووفق شينكر، فإن إحدى المهام الرئيسية للقوات الأميركية في العراق تقديم الدعم اللوجستي لمهمة القوّات الأميركية في سوريا و«تمكين شراكتنا من الاستمرار مع قوات سوريا الديمقراطية».

بايدن لن ينسحب من سوريا

ورأى شينكر أنه إذا كانت التقارير صحيحة، فإن إدارة بايدن تدرس الانسحاب من المنطقة. كما أن الوضع الحالي يتطلب وجود أقل من 2500 جندي في العراق للمساعدة في توفير لوجستيات جيدة للقوات الأميركية في سوريا. ومع ذلك، أكّد شينكر أن الرئيس الأميركي لن يفعل أي شيء قبل الانتخابات الأميركية المقرر إجراؤها في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 202. لأنه (بايدن) أقدم بالفعل على انسحاب كارثي من أفغانستان (في عام 2021). لذا، فإنه لن يخاطر في انسحاب جديد يجعل منه متورّطاً في ترك دولة إقليمية أخرى تحت النار.

وأضاف شينكر أنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة ستبقى في سوريا إلى أجل غير مسمى، على غرار وجود قواتها في كوريا الجنوبية واليابان وألمانيا، لأنه لم تتم دعوتها إلى سوريا من قبل دمشق، موضحاً أن الفرق بين سوريا وتلك الدول الأخرى هو أن الأخيرة تريدنا وجود الأميركيين بالفعل. علاوة على ذلك، أعرب شينكر عن مخاوفه بشأن احتمال انسحاب الولايات المتحدة من سوريا أو العراق، قائلاً: «سيُنظر إلينا على أننا نتخلى عن شركائنا في قوات سوريا الديمقراطية. سوف نتخلى عن دورنا في الإشراف مع قوات سوريا الديمقراطية على مخيم الهول وجميع هؤلاء الجهاديين المتطرفين البالغ عددهم 50 ألفاً، والذين لا شك أن نظام الأسد سيضعهم على متن قوارب ويرسلهم إلى أوروبا. كما تعلمون، هذا ما يفعله الرئيس بشار الأسد». ومع ذلك، ذكر شينكر أنه «يمكن للولايات المتحدة تقليص وجودها العسكري في العراق والاحتفاظ بما يسمح لها بمتابعة مهامها في سوريا».

توجهات ترامب الانعزالية

وقال شينكر إنه إذا أعيد انتخاب دونالد ترامب، فسيظل من غير المؤكد ما إذا كان سيحتفظ بقوات (أميركية) في سوريا، نظراً إلى الأصوات المطالبة بالانكفاء داخل الحزب الجمهوري. وأضاف أن هذه التوجهات تشمل أفكارا مثل معارضة حلف الناتو، والسعي إلى اتفاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووقف تمويل أوكرانيا. وشرح شينكير أنه «في عام 2019، حاول ترامب أيضاً الانسحاب من سوريا وسط هجوم تركي على قوات سوريا الديمقراطية. لقد حدث هذا قبل شهرين من مجيئي للعمل كمساعد (لمايك) بومبيو، ولكن الرئيس غيّر رأيه في النهاية». وأضاف: «لقد سحبنا 200 جندي أو 300 جندي فقط، واحتفظنا بقوة كبيرة تتكون من 800 أو 850 جندياً هناك. لذا، فإن هذا الانسحاب لم يحدث، على الرغم من التنازل عن جزء من الأراضي للأتراك».
كما أكد الدبلوماسي الأميركي السابق أن فكرة تخلي الولايات المتحدة عن قوات سوريا الديمقراطية ودفعها للعمل مع نظام الأسد ستكون «سخيفة». وأوضح أن «هذا من شأنه أن ينهي المشروع بأكمله وروجآفا. لا أعتقد أنّها خطة قابلة للتنفيذ، سواء فيما يخص محاربة داعش أو الوقوف إلى جانب شركائنا (قوات سوريا الديمقراطية)، وبالطبع تركيا ترغب بحدث ذلك، الأتراك يرغبون في الانتهاء من قوات سوريا الديمقراطية والقوات الكردية وأي نوع من الحكم الذاتي الكردي في سوريا».
وسبق للقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي أن صرح لـ«المونيتور» إن مثل هذه الخطة ستكون غير واقعية لأن دمشق ليست مستعدة لأي حوار وغير قادرة على الدفاع عن نفسها ضد تنظيم داعش.
علاوة على ذلك، صرّح عبدي للصحافيين موخّراً أنه إذا انسحبت القوات الأميركية، فسيكون هناك «فوضى». لكنّه أضاف أنّه تلقّى تأكيدات بأن الولايات المتحدة لن تغادر سوريا قريباً، كما حذّر من عودة تنظيم داعش. وفي هذا السياق، أكّد شينكر على أن «داعش» لا يزال يشكل تهديداً في سوريا، قائلاً إن «أشخاصاً مثل تشارلز ليستر كتبوا عن مدى نشاط داعش في سوريا. إنها واحدة من أكثر ولاياته نشاطًا، وشن غالبية هجماته في جميع أنحاء العالم من سوريا».
وأشار أيضاً إلى أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قال قبل عام إن «داعش» تحت السيطرة إلى حد كبير في العراق، لكن هناك مخاوف بشأن احتمال تمدده من سوريا ما قد يشكّل مشكلة للعراق.
ولفت شينكر إلى تأكيد بريت ماكغورك، بعد مغادرته إدارة ترامب عام 2019، بأن «داعش» لم يُهزم، مشيراً إلى أنه «يشرف الآن على هذه الخطة بصفته المدير الأول للشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي». وقال شينكر: «كان هناك أشخاص مثل زميلي (السفير) جيم جيفري، الذي كان نشطاً للغاية ويحاول منع الانسحاب (عام 2019). أشخاص مثل جويل رايبورن، الذي عمل معي في وزارة الخارجية، نشطون جداً أيضاً في التصدي للانسحاب. هناك الكثير من الناس الذين لا يرغبون بذلك. ولكن في نهاية المطاف، نقول في واشنطن إن السياسة شخصية. إن الأشخاص الذين يعملون مع الرئيس هم الذين يصنعون السياسة، وبما أننا لا نعرف من سيكون في الإدارة المقبلة، علينا مواصلة مراقبة المسار».

التوصل إلى اتفاق مع تركيا ضروري

وشدد شينكر أيضاً على أنه إذا أرادت الولايات المتحدة مغادرة سوريا في مرحلة ما، فإنها تحتاج إلى ترتيب مع تركيا لضمان عدم زوال المجموعة الوحيدة التي تقوم بمحاربة الإرهاب في سوريا، في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية.
وكثّفت تركيا في الأشهر الأخيرة غاراتها الجوية وهجمات الطائرات من دون طيار في شمال شرق سوريا، ما ألحق أضراراً بالغة بالبنية التحتية المحلية في المنطقة، وتسبب في نقص كبير في المواد الأساسية كالغاز والمياه والكهرباء.
وقال شينكر: «أعتقد أنّه سيتعيّن على واشنطن وإدارة بايدن، إذا مضت قدماً في خطتها للانسحاب، التوصّل إلى تسوية مؤقتة بين الأتراك وقوات سوريا الديمقراطية. سيتعين على الإدارة مضاعفة جهودها إذا كانت تريد الحفاظ ليس فقط على شركائنا هناك في حالة الانسحاب، ولكن أيضاً الحفاظ على مصالحنا. فالأمر لا يقتصر على شركائنا فحسب، بل لدينا مصلحة مشتركة في محاربة داعش، وهذا سوف يتراجع إذا تُرك الأتراك أحراراً في فعل ما يريدون في شمال شرق سوريا».
وعلى الرغم من الخلافات السابقة بين الولايات المتحدة وتركيا حول قضايا مثل برنامج صواريخ «إس-400» الروسي، واحتجاز القس أندرو برونسون، أشار شينكر إلى أن العلاقات بين البلدين تحسّنت، لا سيما بسبب توافقهما بشأن أوكرانيا
وتسليم الطائرات من دون طيار التركية إلى كييف. وأضاف: «أعتقد أن هناك آمال أفضل الآن بعد أن توصل الأتراك إلى اتّفاق بشأن توسيع حلف الناتو في أعقاب غزو أوكرانيا. لذلك، ربما تتغير الأمور. ربما تكون هذه هي الولاية الأخيرة لأردوغان، لكنني أعتقد أن هذه إحدى القضايا التي يمكن لواشنطن أن تدفع بها، لكنني لا أعرف ما إذا كانت ستنجح أم لا».

من غير المرجح أن توفر الولايات المتحدة الدفاع الجوي للكرد

واستبعد شينكر قيام واشنطن بتوفير دفاعات جوية للكرد في العراق. وأضاف: «إذا قدمت الولايات المتحدة أسلحة للكرد، فيجب تسليمها أولاً إلى بغداد، ومن ثم يتعين على بغداد إرسالها إلى إقليم كردستان. والآن كما تعلمون، العلاقات بين بغداد وحكومة إقليم كردستان ليست جيدة. كما اعتقد أنه من غير المرجح أن يستخدم العراق أنظمة الدفاع الجوي ضد الهجمات الإيرانية».
وفيما يتعلق بتوفير أنظمة الدفاع الجوي مثل أنظمة «باتريوت» لقوات سوريا الديمقراطية، ذكر شينكر أن «ذلك سيكون صعباً أيضاً، أعلم أن دولاً أخرى تزود أوكرانيا بأنواع أخرى من الأنظمة، لكنني لست متأكداً من أن هذه الإدارة ستكون لديها القدرة على القيام بذلك، أو ما هي الآثار المترتبة على العلاقات مع تركيا. أعتقد أن الحل الأمثل هو التوصل إلى نوع من الاتفاق مع أنقرة بعدم استهداف القوات الشريكة لنا (قوات سوريا الديمقراطية)».

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد