برنامج حواري مع رئيس المؤتمر الوطني الكردستاني: زيارة واشنطن ومساعي توحيد البيت الكردي
قدم المركز الكردي للدراسات برنامجاً حوارياً باللغة الكردية على مواقعه في شبكات التواصل الاجتماعي، أستضاف فيه أحمد كاراموس الرئيس المشارك للمؤتمر الوطني الكردستاني (KNK). وتوقف كاراموس في البرنامج الذي قدمه كل من الزميلين طارق حمو و نواف خليل على مساعي المؤتمر الوطني الكردستاني في ترتيب البيت الكردي، والوصول إلى حالة متقدمة من التقارب والتفاهم بين القوى والأحزاب الكردستانية في كل أجزاء كردستان، وتأمين صيغة تعاون على أسس المصالح القومية للأمة الكردية.
وفي بداية حديثه قدم كاراموس نبذة عن المؤتمر الوطني الكردستاني الذي تأسس عام 1999، وقال بأنه يضم 48 حزباً وكتلة سياسية كردية، إضافة عن ممثلي المكونات الدينية والأثنية التي تعيش في كردستان، وشخصيات فكرية وسياسية وأكاديمية كردية معروفة على الصعيد الكردستاني والدولي، وأن هذه القوى تشكل أكثر من 75% من مجموع الأحزاب والقوى الكردية في كل أجزاء كردستان، موضحاً بأن المؤتمر الوطني الكردستاني تمكّن من فرض نفسه كإطار جامع وحيد لأغلبية القوى السياسية الكردية والكردستانية على الصعيد الدولي، وإنه بات على هذا الأساس معترفاً به من قبل الدول والتكتلات الدولية.
وتوقف كاراموس على الذكرى المئوية لتأسيس الدولة التركية على أساس قومي احادي، وما ترتب عن ذلك من إنكار لهوية وحقوق الشعب الكردي في شمال كردستان، مقدمّاً عرضاً تاريخياً مستفيضاً حول كيفية وآلية تأسيس الدولة التركية، والظروف الاقليمية والدولية التي كانت سائدة آنذاك، وساهمت في تشكيل هذه الدولة الجديدة على جسد السلطنة العثمانية، موضحاُ بأن مصطفى كمال كان قد تعهد باقامة دولة جديدة يكون فيها المكونين التركي والكردي مساويين في الحقوق والواجبات، وأن هذه التعهدات مكتوبة وموثقة ( مؤتمرات أرزوم وسيواس وآمد/ديار بكر)، وإن تفاصيل ومجريات لقاءات مصطفى كمال مع رؤوساء العشائر الكردية، موجودة ومعروفة. كذلك ضمّن دستور عام 1921 الذي صوّت عليه في البرلمان التركي، الإشارة إلى الشعب الكردي وإلى كونه أحد مكوني الدولة/ الجمهورية الجديدة. ولكن القائمين على الدولة الوليدة، عمدوا إلى التراجع والنكوص عن هذه التعهدات، وبعد التوقيع على اتفاقية لوزان عام 1923 اتفقوا على شكل وهوية الدولة الجديدة، التي اعتمدوها دولة قومية احادية تخص العنصر التركي، لا اعتراف فيها بهوية وحقوق الشعب الكردي. وقد مرّر البرلمان التركي في عام 1924 دستوراُ جديداً حلّ محل الدستور القديم عام 1921، وتم فيه انكار كل ما يمت للكرد كشعب، وكردستان كجغرافية، واعتبرت الدولة الجديدة خاصة بالعنصر التركي ومقتصرة على الاعتراف به، وانكار ومحاربة كل شيء يمت للشعب الكردي ووجوده وهويته بصلة.
وتابع كاراموس بأنه وبمجرد الإعلان عن تأسيس الدولة التركية القائمة على العنصر التركي، وانكار هوية وحقوق الشعب الكردي ووطنه كردستان، أندلعت الانتفاضات الكردية، وكانت أولها انتفاضة شعبية مسلحة اندلعت في أغسطس/ آب 1924 ضد سياسة الانكار، تلتها ثورة الشيخ سعيد عام 1925، بينما بدأت الدولة الجديدة سياسية غاية في العداء للشعب الكردي، فلجأت إلى سياسات الصهر القومي والتغيير الديمغرافي والقمع الشديد، ومحاربة كل مظاهر الهوية الكردية من لغة وثقافة، وكانت الدولة الجديدة تمارس سياسة استعمارية واضحة لمحو الشعب الكردي وصهره وتهجيره من وطنه، وهو ما دفع الشعب الكردي إلى الانتفاض والمقاومة، بما فيها المقاومة المسلحة للدفاع عن نفسه وعن كينونته القومية وجغرافيته. وإن هذه المقاومة مازالت قائمة الآن ومستمرة، وأن الشعب الكردي متمسك بهويته وحقوقه السياسية والثقافية، ولن يستسلم لسياسة القمع والامحاء التركية المتواصلة، ومالم تعمد الدولة التركية إلى تغيير سياساتها في انكار وقمع الكرد، واللجوء إلى الحل الديمقراطي للقضية الكردية، فإن الكرد سيواصلون الكفاح والنضال بكل السبل في سبيل نزع الاعتراف بهويتهم وحقوقهم القومية المشروعة.
كما تعرض كاراموس إلى مساعي المؤتمر الوطني الكردستاني المستمرة في إحداث التقارب والتعاون والتفاهم بين القوى الكردية في أجزاء كردستان الأربعة، مقدمّاً شرحّاً للظروف الاقليمية والدولية الحالية، والتي تفرض على الأمة الكردية وقواها تحمل المسؤولية التاريخية من خلال بناء علاقات قوية وأسس راسخة في التعاون، ورفض كل شكل من أشكال العداء والصراع الداخلي، أو التحالف مع القوى والمحاور المعادية للأمة الكردية وحقوقها، مشيراً إلى المخاطر التي تهدد الكرد الآن، ومن أبرزها وأخطرها الدولة التركية التي تشن حالياً حرباً شاملة ضد الكرد، وتفعّل كل القوى والمنظمات المعادية للحقوق الكردية (داعش والمجموعات الجهادية)، بغية النيل من مكتسبات الشعب الكردي، ونشر الدمار والفوضى في كل أجزاء كردستان. ومن هنا يظهر الدور المهم للمؤتمر الوطني الكردستاني، في التواصل مع مجمل القوى والأحزاب الكردستانية، بغية خلق خطاب وموقف موحد من كل هذه التهديدات والتحديات، وصنع موقف استراتيجي واضح كما حصل في مقاومة كوباني عام 2014، عندما توحدت قوى الأمة الكردية في الدفاع عن الشعب الكردي.
وأوضح كاراموس بأن هناك لجان عديدة مختصة ضمن المؤتمر الوطني الكردستاني، تتابع التطورات في كل جزء من أجزاء كردستان أولاً بأول، ولديها اتصال مباشر مع القوى والأحزاب السياسية هناك، بغية الاطلاع على التطورات والمجريات، والمساهمة في تفعيل الجوانب الدبلوماسية والاعلامية، مبيناً بأن لجان المؤتمر الوطني الكردستاني تعمل على مدار الساعة، وكان لها حضوراً ودوراً في كل الأزمات والتطورات التي مرت بها كردستان في السنوات والأشهر الماضية، مشيراً في هذا المضمار إلى هجوم “داعش” على كل من شنكال وكوباني، وهجمات الجيش التركي على روج آفا واقليم جنوب كردستان، وانتفاضة الشعب الكردي في شرق كردستان عقب مقتل الفتاة الكردية جينا أميني، وأن المؤتمر الوطني الكردستاني أسس لمتابعة هذه التطورات والأحداث “خلايا أزمة” تعمل على مدار الساعة، من حيث الاتصال مع القوى السياسية الكردية والتنسيق بينها، والاتصال مع القوى الدولية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام، لشرح هذه القضايا والدفاع عن نضال الشعب الكردي في وجه الإرهاب وآلة القمع والحرب للدول التي تقتسم وطن الشعب الكردي، وتضطهده وتقمعه.
ودعا كاراموس الحزب الديمقراطي الكردستاني وأحزاب “المجلس الوطني الكردي” إلى مراجعة مواقفهم وسياساتهم، والتخلي عن العلاقات القائمة مع الدولة التركية، والعودة إلى الصف الكردي الموحد، والانضمام إلى الاتفاق السياسي الكردي، والقاء في اطار البيت الكردي، أي المؤتمر الوطني الكردستاني، مشيراً إلى حساسية وأهمية المرحلة التي تمر بها الأمة الكردية، والمخاطر التي تهدد المكتسبات في روج آفا وجنوب كردستان، مشيراٌ إلى أن الدولة التركية هي الجهة الأخطر التي تهدد الشعب الكردي ومكتسباته التي استحصل عليها بالدماء والدموع، موضحاً بان الدولة التركية تشن ومنذ 40 عاماً حرباً شاملة وكبيرة وعلى مستويات عديدة، على الشعب الكردي، تستفيد فيها من كل امكانات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتستخدم ترسانتها من الأسلحة الكيماوية المحرمة، للقضاء على الحركة الكردية وعلى مقاتلي الحرية فيها، وبالتالي المضي قدماً في نهج الامحاء والصهر القومي، ومتابعة سياسات القضاء على الهوية والثقافة الكردية في شمال كردستان وتركيا.
كما وتحدث أحمد كاراموس الرئيس المشارك للمؤتمر الوطني الكردستاني (KNK) عن زيارة وفد في المؤتمر للعاصمة الأميركية واشنطن، ولقاء مع وزارة الخارجية والكونغرس واللجان المتابعة لشؤون الدول التي تقتسم كردستان ( إيران، سوريا، تركيا والعراق)، بالاضافة إلى عدد كبير من الشخصيات والنواب ومراكز القرار هناك، موضحاً بأن الزيارة كانت ناجحة، وإن الأوساط الأميركية، الرسمية وغير الرسمية، ثمنت دور ومكانة المؤتمر الوطني الكردستاني كإطار رسمي يمثل أغلبية القوى والأحزاب السياسية الكردستانية، وإن اللقاءات دارت على هذا الأساس. وأن وفد المؤتمر دعا في تلك اللقاءات الولايات المتحدة الأميركية إلى التعاون مع الجانب الكردي، واعتبار الكرد قوة مؤثرة في المنطقة، كونهم هم من حاربوا الإرهاب وقدموا تضحيات كبيرة لتخليص الانسانية والعالم من تنظيم “داعش” الإرهابي، لذلك يمكن اقامة علاقات تعاون بين الجانب الكردي والولايات المتحدة على أسس من المصالح المتبادلة، وبما يحفظ السلام والأمن في المنطقة.