محاولات عبدالحميد الثاني في إدماج العشائر: التوطين ومدرسة العشائر
شورش درويش
بقيت العشيرة وأبناء الوجهاء العشائريين خارج إطار الدولة يحفّون بها أو يخرجون عليها دون أن يندمجوا في جهازيها الإداري والعسكري. ولتكريس نجاح الدولة في تضمين أبناء الوجهاء والأعيان الحضريين في وظائف الدولة والجيش، جاءت محاولات السلطان عبد الحميد للتقليل من المخاطر التي شكّلتها العشيرة عبر محاولات توطينها وإدماجها في الوظائف الحكومية وفي الجيش. ولعل مشعرات الخطر العشائريّ جاءت إثر سلسلة من الأحداث رفعت من مخاطر تفاقم الأوضاع المحلية في السلطنة، وهي تنامي النزعات القومية في المنطقة العربية الجنوبية وكردستان. والأزمة في البلقان وما نجم عنها من نتائج كرّستها معاهدة برلين (1875-1878)، الأمر الذي أفضى إلى خسارة الدولة العثمانية لخمس سكانها، وأقل من خمس مساحة أراضيها.
لأجل ذلك بقيت مسألة توطين العشائر وربطها بالسلطان عبدالحميد ووقف نزيف خزينة الدولة التي تسببت بها العشائر ومسألة الولاء للسلطان، شغل قصر يلدز الشاغل طيلة فترة حكم عبد الحميد الثاني.
معضلة التوطين والإسكان
السعي العثماني لتوطين وإسكان العشائر بالقوّة أو بتقديم الحوافز، كان أسبق من محاولات عبد الحميد الثاني في هذا المجال، فقد حاولت الدولة العثمانية ابتداءً من عام 1696 أن تؤمن مصادر دخل في مرحلة بداية هزائمها الحربية أمام القوى الأوروبية البازغة. واشتداد حاجتها الماسة إلى المال بفعل الأزمة المالية والنقدية وارتفاع معدل النمو السكاني نسبياً في هضبة الأناضول القاحلة الذي احتاجته السلطنة لموازنة ضغط العشائر البدوية، ولا سيما بعد الهجرة الأولى لقبيلة عنزة في القرن السابع عشر، وذلك باتباع سياسة إسكان العشائر الرحّل في الأراضي البور القابلة للزراعة في الأناضول الشرقي والشام (1)، إلّا أن عمليات التوطين تلك فشلت بحلول الأعوام 1720 و1725 لأسباب مناخية وأخرى نفسية ومالية، وقد كانت عمليات التوطين تستهدف تغيير طبيعة القبائل وتشجيعهم على الإنتاج، وإسهامهم في رفد خزينة الدولة بدلاً من استنزافها من خلال التهرب من دفع الضرائب وشنّ الغزوات وضرب استقرار أطراف الدولة. ومن بين عمليات الإسكان التي طاولت العشائر العربية جاءت أيضاً محاولات إسكان القبائل الكردية كما في حالة إسكان القبائل الملّية الكردية في الرقة منذ عام 1711.
اتبع عبد الحميد الثاني سياسة توطين مختلفة لتحويل البدو إلى فلّاحين، فقام بتوزيع الأراضي “الجفتلك” المملوكة للسلطان على شيوخ البدو في مقابل استصلاح تلك الأراضي وزراعتها ودفع ضرائبها، وإعفاء المستأجرين من الخدمة العسكرية ومن الضرائب الأميرية وتسليفهم الأموال دون فوائد(2)، غير أن تلك السياسة المستحدثة التي تظهر قدرة على التنازل المتبادل، والتي بدت أقرب لعقد اجتماعي جديد يتنازل فيه الطرفان لبعضهما في مقابل فوائد تعود عليهما، لم تحُل دون خروج بعض العشائر، وأبرزهم شمّر، على الدولة وفرضها الأتاوة “الخوّة” على منافسيها، الأمر الذي دفع السلطان للاعتماد على القبائل الملّية الكردية لإحلال شيء من التوازن في عالم القبائل المثير للقلاقل الأمنية ونسف سياساته الجديدة لتوطين القبائل وإعادة الحياة لطرق المواصلات بين دمشق وحلب والعراق التي جاءت مع تأزم العلاقة بين شمّر والدولة العثمانية.
من بين عوامل أخرى كان هناك سعي سلطانيّ لتعزيز فكرة “الولاء” للسلطان والدولة والتي كانت تصطدم على الدوام بالفوضى والقلاقل التي تتسبب بها العشائر. بطبيعة الحال، كان العثمانيون يدخلون في عداد العشيرة العربية بعض الجماعات العرقية والدينية أيضاً، فلفظتي العشيرة والقبيلة استخدمت “للإشارة إلى تلك المجتمعات المتوطنة على شاكلة الدروز والأكراد أو الزيديين في اليمن” (مدرسة العشائر ). والحال أن معالجة مشكلة الولاء ومحاولة إدماج العشائر في الدولة قاد عبد الحميد الثاني في عام 1886 إلى دعوة العشائر لإرسال 48 طالباً من اليمن والحجاز وطرابلس الغرب ليدرسوا في الأكاديمية العسكرية، حيث يفترض بالخريجين أن يصبحوا مثالاً يحتذى به في المناطق التي وفدوا منها، غير أن هذه الفكرة لم تحقق ما هو مرجوّ منها، كما أن أفكار توطين العشائر مطلع القرن التاسع عشر لم تنجح بالشكل الكافي رغم حجم المغريات المقدّمة، مثلاً، كانت قصة مساعي توطين عشيرة الرولة، المنضوية في تحالف قبائل عنزة المتنقّلة بين العراق وجنوب سوريا، واحدة من القصص المثيرة، إذ وافق الشيخ سطام الشعلان على مبدأ توطين قبيلته، وفي مقابل ذلك حظي بلقب “مير ميران” (أمير الأمراء)، ونال الوسام المجيدي من الدرجة الثانية، الأمر الذي حفّز شيوخ عشائر آخرين للمضي في هذا الاتجاه، إلّا أن النتائج المتوخاة من هذه السياسة لم تحقق “توطيناً واسعاً للقبائل”.
“المدرسة السلطانية للعشائر”
لأجل ذلك كله، نبعت فكرة إقامة مدرسة للعشائر “المدرسة السلطانية للعشائر” التي طرحت في يونيو/حزيران 1892، وبالفعل اختير مكان إنشاء المدرسة في قصر مهجور هو قصر السلطانة عصمة خاتون (أسما) بمقاطعة كبطاش في اسطنبول، ولأجل تحديد الطلبة الذين سيتلقون التعليم في هذه المدرسة، أرسلت الرسائل إلى حكام الولايات السورية (سوريا، حلب، الزور [دير الزور]، القدس)، والعراق (بغداد، الموصل، البصرة)، وليبيا (طرابلس الغرب، بنغازي)، والجزيرة العربية (اليمن، الحجاز)، والأناضول (ديار بكر)، في تأكيد لحكّام الولايات بأنها مدرسة داخلية خاصة لتعليم أبناء القبائل البدوية العربية، فيما اتسعت المرحلة الثانية لتستقطب الكرد، ومن ثم الألبانيين. أما فيما خص الطلبة الكرد، فقد صدرت طلبات القبول من القادة الكرد، مثل أيوب باشا، شيخ عشيرة زيلان وقادة الأفواج الحميدية، حسن وعلي بك اللذين أشارا في برقية إلى أنه لم يتم قبول أي ولد من عشائرهم، متمنين أن يقبل في كل عام ولدان من كل عشيرة من الأفواج الحميدية الأربعة الموجودة في بيازيد (3)، وفي المحصلة تمت الاستجابة لمطالبهم، لكن نسبة الطلبة الكرد كانت أقل من تلك التي خصت أبناء العشائر العربية، إذ كانت نسبة أربعة أخماس الطلبة المقبولين هي من نصيب أبناء شيوخ العشائر العربية، ولعل مطالبات القادة الكرد جاءت بالنظر إلى اهتمام العشائر الكردية في أن يبقوا على مسافة قريبة من قصر يلدز، أسوةً برغبة السلطان بتقريب العشائر العربية، ربما الأشد خطراً على حكمه، إذ إن سعي المدرسة كان منصباً على تلقين أبناء وجهاء العشائر “لمنع تطوّر النزعة القومية”، والحد تالياً من النفوذ الأجنبي المتنامي في الدولة العثمانية، إضافة إلى تعزيز المركزية العثمانية في الأطراف.
نسبت فكرة إنشاء المدرسة للسلطان عبد الحميد الثاني، والذي لُقّب بـ”المدير الفخري” و”راعي المدرسة”، واختير يوم الافتتاح يوم مولد النبي في 4 تشرين الأول 1892، وألقيت كلمة الافتتاح باللغة العربية، فيما أرسلت وثائق الشؤون اليومية للمدرسة إلى قصر يلدز مباشرةً ما عكس اهتمام السلطان بـ “أبنائه الجدد”. لكن، في عشية الافتتاح، وقع شجار بين الطلاب الكرد والعرب، والذي ربما عكس صورة واقعية لنموّ العصبيات الجديدة، وتنافر عناصر الأمة، أو ربما لتنامي نزعات الهوية القومية أو الجهوية، هذه المسألة الواضحة التي دارت في الفناء الخلفي للدولة كانت من بين المسائل التي حفّزت عبد الحميد الثاني لإنشاء المدرسة. إثر ذلك، ونتيجة لتنامي المشكلات الداخلية، حدثت حالات “تمرّد” جراء الثياب غير الملائمة وفقر الطعام، فظهرت “الوقاحة” تجاه مسؤولي المدرسة وظهر”العصيان”، ما تسبب في طرد بعض الطلبة، الأمر الذي دفع السلطان بنفسه لتقريع القائمين على المدرسة وكيف أن الطلبة أصبحوا ذوي “أخلاق شريرة” (4)، بل أبعد من ذلك، فإن شجاراً آخر بين أربعة طلاب كرد وستة طلاب عرب على خلفية خلاف بسيط تطوّر إلى استدعاء شرطة بشكطاش للتدخل، والحال أن “حجز” الطلبة الفتية الذي تراوحت أعمارهم بين 12 و16 سنة في مجمّع محكم مبعدين عن ذويهم وممنوعين من الخروج بشكل صارم لئلّا ينخرطوا في “مفاسد” المجتمع، جعل من تجربة المدرسة أكثر تنفيراً وأقل جاذبية لأبناء القبائل، فوق أنه لم يخدم فكرة تكريس ولاء القبائل للسلطان المتوخاة من إنشاء المدرسة.
النتائج الأولية لتجربة المدرسة
انتقلت إدارة المدرسة لوزارة المدارس العسكرية عام 1895، ما عنى تخلي السلطان عبد الحميد الثاني عن فكرة الرعاية المباشرة وما يتطلبه ذلك من متابعة منهكة للتفاصيل. غير أن السلطان واظب على متابعة النتائج وبدا متشوّقاً لرؤيتها، ففي عام 1896 سمح السلطان بنقل 26 متخرّجاً، و25 طالباً في عامهم الأخيرقبل أن يتموا فترة دراستهم، إلى الأكاديمية الحربية (المدرسة العسكرية)، وأكاديمية الخدمة المدنية، وتكثيف الدراسة من 3 سنوات إلى سنة واحدة في الأكاديميات. كانت الغاية من الاستعجال هي رغبة السلطان في “تيسير السلطة الحكومية في المنطقة القبلية، وزيادة جرعة التفاؤل لدى رجال القبائل البارزين بهدف إرسال أبنائهم للدراسة في إسطنبول”(5)، لذلك تم تكليف 33 فرداً ليصبحوا ضباطاً في المشاة الخيّالة و12 في سلك الخدمة المدنية، لكن شكلاً من التمييز برز بين الخريجين بدا واضحاً، إذ أُفردت قائمة بذوي الحظوة الخاصة مكونة من عشرة طلاب ذوي “آباء أكثر تأثيراً” وموزعين على مناطق تعكس الرغبة في تغطية معظم المناطق الأهم في نظر القصر: 2 من البصرة، و2 من حلب، و2 من القدس، وطالب من دير الزور، و3 من الكرد.
أما مسألة التضمين في المناصب الإدارية، فلم يكن يسيراً لدى معظم الخريجين من مدرسة الخدمة المدنية، إذ غدا البعض أتباعاً في الولايات قبل أن يغدو ولاة، واحتاج المتدرّبون إلى وقت طويل قبل تسنّم وظائف عليا في الدولة. مثلاً، يورد يوجين روغان حالات عدّة من بينها حالة خريج كرديّ قضى في ولاية معمورة العزيز عقداً من الزمن بصفته تابعاً حتى أصبح في عام 1909 والياً، فيما كان محمد جميل من ديار بكر والياً على سويرك عام 1899 وحكم 11 ولاية مختلفة بحلول عام 1920. البعض الآخر من الخريجين، كما في حالة محمد سلطان من الزور (دير الزور)، تسنم مناصب رفيعة دون الخوض طويلاً في مرحلة التأهيل، فقد غدا والياً مباشرةً على جارمبك بديار بكر عام 1900 ومناصب مساوية لمنصبه حتى حلول عام 1919، أما أكثر الوظائف أهمية فقد تولّاها الكرديّ محمد حمزة من وان، إذ عيّن والياً على بورصة بعد أن أتم تأهيله الوجيز في وان، لينتخب لاحقاً في مجلس النواب العثماني لمرتين، وتعيينه متصرّفاً في ولاية المنتفق (البصرة) ووالياً على كربلاء ثم على المنتفق حتى احتلال البريطانيين للعراق.
الجانب الدعائي
بطبيعة الحال لم يغب الجانب الدعائيّ الملفت عن نقل صورة المدرسة للملأ، فالتُقطت صور الطلبة بأزيائهم المحلية وبزيّهم المدرسيّ الموحّد كجزء مما دعي بـ”الصور السلطانية الخاصة”، وكجزء من عملية التكريم الدعائي نشرت صورة المتخرجين الكرد في مجلة “ثروت الفنون”، فضلاً عن صورٍ لثلاث خريجين كرد نشرت في المجلة ذاتها بوصفهم نقباء شباب يبدؤون عملهم في وظائف واعدة.
وجه آخر تمثّل في الدعاية غير المباشرة يتقلّد فيها خريجون زعامة عشائرهم، كما في حالة الخريج علي النجرس الذي خدم في الجيش العثماني ثم عاد شيخاً في قبيلته العكيدات، وكذلك الأمر مع نواف الصالح الذي التمس والده على سرير الموت عودة ابنه الذي خدم في الجيش العثماني لتسلّم زعامة قبيلة الحديديين بولاية حلب، ليستجيب السلطان لطلبه، وذات الأمر تكرر مع محمد برجس الفرحان الذي تسلّم عن والده زعامة عشيرة سبعة المنضوية في قبيلة عنزة. ولعل مثل هذه التجارب شكّلت مادة دعائية حول أهمية التعليم والولاء المتنامي للدولة والسلطان، وفهم أساليب الحكم، وكذلك فهم “الاستخدام السيء للموظفين الأتراك” على ما نقله الفرحان في لقاء جمعه ومستشرقٍ تشيكي.
غير أن تجربة عبد الكريم وشقيقه عبدالمحسن السعدون كانت الأهم لجهة قوّة نفوذ آل السعدون الحجازية في ولاية المنتفق والمناصب التي حققها. حمل عبد المحسن رتبة مقدّم في الجيش العثماني وحل نائباً في مجلس النواب العثماني (1908- 1918)، ورئيساً لوزراء العراق أربع مرات في العهد الهاشميّ. إلّا أن الجوانب الدعائية غير المباشرة لم يكتب لها النجاح نظراً إلى التحوّلات السريعة التي عصفت بالدولة العثمانية والمصير الذي لقاه “راعي المدرسة”.
طي صفحة المدرسة وتقييم تجربتها
بعد خمسة عشرة عاماً وبحلول عام 1907 أغلقت المدرسة السلطانية للعشائر أبوابها مرةً وإلى الأبد، ليصبح اسمها مدرسة كبطاش الإعدادية بعد أن ارتادها 400 طالب، وهذا الرقم هو أقل بكثير مما كان متوقعاً.
تعرّضت المدرسة بعد إغلاقها لهجوم من قبل أصوات قومية كتبت “بروح عدائية” عن تلك التجربة، فينقل روغان عن عثمان إرغن المتحامل على المدرسة بأنها كانت مضيعة للمال والوقت، وأنها ضمت “الشباب العربي المدلل، والرّحل، والألبانيين، والكرد الأشرار”، لكن الحقيقة أن خطّة إدماج العشائر كانت لتنجح لولا الوضع المالي الصعب ونفقات المدرسة الباهظة، فضلاً عن الاضطرابات التي كانت تعصف بالدولة وتهدد عرش عبد الحميد الثاني، فقد حققت المدرسة نجاحات ملحوظة عبر دفعها بالخريجين نحو الأكاديمية العسكرية وأكاديمية الخدمة المدنية، إذ سيلاحظ دفع العديد منهم نحو نيل مناصب عسكرية متوسطة المستوى، كرتبة النقيب، وحقق بعضهم مناصب إدارية في القائمقاميات والولايات، وحمل اثنان من الخريجين لقب “باشا”، ووصل خمسة منهم إلى مجلس النواب العثماني، فضلاً عن أن من تحوّل إلى زعامة قبيلته أصبح على اطلاع وتواصل فعلي مع أجهزة الدولة وطبقتها البيروقراطية العليا.
في العموم، لم تكن الغاية من إنشاء المدرسة إنهاء العشائرية، وإنما إلى تقنينها. وكانت طريقة مبتكرة لإخضاع العشائر ودمجها من خلال التعليم لا من خلال القوّة، عبر سياسات التوطين القديمة (6)، ولعل هذا الحل المبتكر في التعاطي مع معضلة العشائر دفعت لاحقاً الدول التي تشكّلت بعد تقسيم الدولة العثمانية إلى تبني الخطوات الحميدية لكن بشكلٍ أكثر راديكالية عبر “زج” أبناء العشائر في الجيش والوظائف الحكومية، لكن دون الحاجة لمقدّمات طويلة كتأسيس المدارس واتباع سياسات الإدماج طويلة الأمد.
المراجع
1- محمد جمال باروت- التكوّن التاريخي الحديث للجزيرة السورية –المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.ص54-55
2- المصدر نفسه. ص 83
3- أوديل مورو-الدولة العثمانية في عصر الإصلاحات- المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ص109
4- يوجين روغان- مدرسة العشائر في اسطنبول- دار الورّاق. ص 52
5- المصدر نفسه. ص56
6- مورو، مصدر سابق. ص 110