“جيروزاليم بوست”: يد “أردوغان” الطولى تهدد النازحين الكرد السوريين

يهوديت نيورينك | جيروزاليم بوست

يصل آلاف الكرد السوريون يوميًا إلى الحدود مع إقليم كردستان العراق، ويبلغ مجموعهم بالفعل أكثر من 15 ألف كردي، حيث إنهم يفرون من القصف والقتال الدائر في المنطقة السورية التي تهدف تركيا إلى تحويلها إلى ما يسمى بـ”منطقة آمنة” لإعادة توطين ملايين اللاجئين السوريين المقيمين حاليًا في تركيا. ومن المتوقع أن يصل العدد الإجمالي للفارين عبر الحدود العراقية إلى حوالي 50 ألف نازح.

أولئك الذين يفرون سينضمون إلى  230 ألف كردي سوري يعيشون بالفعل في إقليم كردستان العراق، ومعظمهم فروا من عنف الجماعات الإرهابية مثل جبهة النصرة وداعش. فقد استقرت الفئات الأفقر من النازحين في مخيمات اللاجئين- الدوميز – بالقرب من مدينة دهوك الكردية العراقية، بحوالي 50 ألف ساكن.

حوالي نصف اللاجئين السوريين الذين يعيشون في إقليم كردستان قد استقروا في عاصمتها أربيل، حيث وجد الكثير منهم منزلاً وعملهم. ويعتبرهم الأكراد العراقيون كإخوة من كردستان التي كانت موجودة قبل تقسيمها إلى أربعة أجزاء منذ حوالي قرن -مقسمة بين العراق وسوريا وتركيا وإيران- وقد أتاح ذلك لهم الاندماج في المجتمع، وإنشاء المخابز والمطاعم ومحلات السوبر ماركت الخاصة بهم.

لا يزال إقليم كردستان يضم مئات الآلاف من النازحين العرب من المدن العراقية التي كانت تحتلها داعش. العبء كبير بالفعل على حكومة كردستان، التي تتعافى ببطء من الركود الناجم عن الحرب ضد داعش، والعقوبات التي فرضتها بغداد عقب استفتاء الاستقلال في سبتمبر 2017، وانخفاض سعر النفط. لهذا السبب، طلب رئيس الوزراء في الإقليم مسرور  بارزاني، بالفعل، مساعدة مالية من الخارج لمساعدة المنطقة في رعاية القادمين الجدد الذين يشكون بالفعل من نقص الموارد في معسكراتهم.

يُذكر أنه ليس الاقتصاد هو السبب الوحيد الذي قد يواجه من خلاله الوافدين الجدد وضعًا مختلفًا تمامًا عن السوريين الذين فروا في عام 2013. وذلك لأن تركيز اضطهاد الحكومة التركية والسورية سيكون الآن بشكل أساسي على اللاجئين المنتمين إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني ومختلف كتائبه العسكرية –  حيث يعتبرالأتراك  هؤلاء اللاجئيين إرهابيين بسبب صلاتهم  بهذا الحزب- كما لم يكن معظم الوافدين السابقين تابعين لحزب الاتحاد الكردستاني أو كانت لهم صلات بالأحزاب السورية القريبة من عائلة بارزاني الكردية العراقية الحاكمة.

لا يتمتع حزب العمال الكردستاني بشعبية كبيرة في الجزء الغربي من كردستان العراق، وهي منطقة تهيمن عليها عائلة “بارزاني” والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يعد أول وسيلة تواصل مع الوافدين الجدد. خلال الحرب الأهلية التي تم خوضها في إقليم كردستان العراق الذي كان يتمتع بحكم شبه ذاتي في التسعينيات، اشتبك الطرفان  -حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني-  واستمر العداء. علاوة على ذلك، حاول الرئيس السابق مسعود بارزاني التدخل في منطقة الحكم الذاتي الناشئة حديثًا في سوريا لمنع حزب الاتحاد الديمقراطي من تولي السلطة.

علاوة على ذلك، تسببت الغارات الجوية التركية اليومية على قواعد حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في كردستان العراق في سيل دماء الأكراد العراقيين، حيث قُتل مدنيون ليس لهم صلات بحزب العمال الكردستاني وضربت أهداف غير حزب العمال الكردستاني حتى شكلت بعض الهجمات التركية خطراً على المدنيين.

وفي الوقت نفسه، يحتفظ الأتراك بعشرات القواعد العسكرية على الأقل في المنطقة، وقد احتلوا العشرات من القرى في منطقة الحدود الوعرة، حيث تلتقي العراق وتركيا وإيران. ويحذر بعض السياسيين من أنه بمجرد قيام الأتراك بإخلاء “المنطقة الآمنة” السورية الخاصة بهم من الأكراد، فإنهم سيحاولون توسيعها لتشمل كردستان العراق.

قد يشكل وصول الأكراد السوريين المنتمين إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المزيد من الضغوط على السياسة بين الأكراد. ويتعرض الحزب الديمقراطي الكردستاني لضغوط تركية كبيرة لإجلاء أي شخص لديه علاقات بحزب العمال الكردستاني، بينما يريد الاتحاد الوطني الكردستاني منحهم ملاذًا.

وما سبق يطرح السؤال التالي، وهو إلى أي مدى سيكون الأكراد السوريين في العراق في أمان، بالنظر إلى أن حكومة كردستان في أربيل قد أثبتت بالفعل أنها غير قادرة على ضمان سلامتهم، حيث تمكنت تركيا من  قبل من شن هجمات دقيقة على مسؤولي حزب العمال الكردستاني.

وقد احتجت الحكومة العراقية في بغداد مرات عدة في أنقرة بشأن الغارات، حيث لا تزال كردستان دولة فيدرالية داخل الاتحاد العراقي، إلا أن تركيا في الغالب تجاهلت شكاواها. وتبدو “بغداد” غير قادرة على حماية مواطنيها، ناهيك عن الأكراد الفارين من العدوان التركي في سوريا.

لا يمكن تجاهل احتمال أن يحول الأتراك معركتهم من سوريا إلى العراق، وبالنظر إلى الاستعدادات التي قاموا بها بالفعل من خلال جعل القرى الكردية شاغرة. ولكن حتى لو لم يفعلوا ذلك، فإن ذراع “أردوغان” لا تزال تمتد إلى داخل إقليم كردستان مما يحول ما كان ملجأ لعقود، إلى مكان محفوف بالمخاطر بالنسبة للكثيرين.

ولأن الكرد فقدوا حليفًا وثيقًا بالفعل، حينما قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتخلي عن أراضيهم ووهبها للأتراك في سوريا، فقدوا المزيد من الدعم وهم لا يستحقون ذلك، مع الأخذ في الاعتبار أن الغرب ربما لم يكسب المعركة ضد داعش بدونهم. وسيكون على الغرب إيجاد طرق لكبح جماح حلف الناتو ومنع تركيا من  إزهاق المزيد من الأرواح والأراضي الكردية.

—–

للاطلاع على النص الأصلي باللغة الإنجليزية.. اضغط هنا

ترجمة: رنا ياسر

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد